Take a fresh look at your lifestyle.

الباحث سيدي محمد مولود بيبا يكتب.. لغشيوات الموقع الأثري الذي لا تكدره دلاء الباحثين..

الصحراء الزرقاء كما يحلو لبعض الباحثين و السياح الأجانب أن يسميها تعد من أكبر مواقع النقوش الصخرية بإقليم السمارة وبالتراب الوطني من حيث المساحة وعدد نقوشها البالغ حسب عمليات الجرد الأولية 10000 نقيشة التي يعود تاريخها إلى مراحل وظروف بيئية مختلفة تعكس أنشطة مجموعات بشرية تعاقبت على المنطقة وتركت إرثا حضاريا عظيما لا يقدر بثمن .
هذا الموقع الفريد من نوعه الذي أصبح منهلا للعلماء والباحثين في عدة مجالات لما يختزله من مواضيع قد تغير العديد من النظريات و المفاهيم السائدة في مجال الفن الصخري، كما أن النبش فيه سيفيد البشرية بالعديد من المعطيات العلمية عن الماضي الغابر للمنطقة وعن السلوك الثقافي للإنسان وعن جماليات الفن الصخري بشكل عام التي حيرت الباحثين و الفنانين . أستحضر هنا على سبيل المثال ما حصل سابقا للفنان الكبير بيكاسو منذ حوالي قرن من الآن حين رأى لأول مرة الرسوم الصباغية بمغارة “لاسكو” بالجنوب الفرنسي و وقف مذهولا شاردا مرددا ( نحن لم نتعلم شيئا ) يقصد بذلك أن الأوائل سبقونا للمعرفة.
هذا الموقف عشته عدة مرات في هذا الموقع بالذات ولعل آخر مرة كان مع عالمة الأنثروبولوجيا ومديرة سابقة لمعهد الدراسات و الأبحاث الإثنوجرافية متخصصة في دراسات الشعوب الأصيلة، إذ كنا أمام لوح صخري يحوي مجموعة من الأشكال الآدمية فإذا بها ترقص رقص البدائيين و تتتمتم بأصوات غريبة و يدها تهتز ذهابا وإيابا تشير لي نحو شكل آدمي مميز عن الأشكال الآدمية الأخرى . إنه الشامان إنه الشامان والفرحة بادية على ملامحها وكأنها وجدت ضالتها التي كانت تبحث عنها لزمن طويل.
لم تكن هذه المرة الأولى التي عشت فيها لحظات مماثلة مع باحثين في هذا الموقع بالذات .اذ اتذكر ليلة كنا نبحث فيها بأضواء مصطنعة عن نقوش لا ترى إلا بهذه الأضواء المتحكم فيها ليلا نتيجة انعكاس أشعة الشمس بالنهار على الألواح الصخرية . لحظة إذا بأحد الأساتذة الباحثين يردد بعبارة واو واو إنه مشهد رائع لعملية التدجين وحلب البقرة . حين شاهدنا المشهد من عدة زوايا لاحظنا إنه يشبه تمما “البقرة الدامعة” .
هذا النقش يوجد في إحدى حجرات الدفن في مصر كما يوجد في ليبيا وفي صحراء الجزائر هو تعبير عن جشع الانسان . تظهر من خلاله البقرة تدمع تنظر الى عجلها مربوط في قوائمها الامامية هزيل جائع والمرأة تحلبها سالبة حليب العجل .
هذا النقش المتكرر في عدة مناطق يدل على التواصل الحضاري و انفتاح المنطقة على حضارات أخرى مما يطرح السؤال هل كانت البداية لهذه اللوحة الفنية المعبرة عن اسطورة البقرة الدامعة من هنا أم هي وافدة ؟؟.

قد يعجبك ايضا