تواصل درجات الحرارة في مدينة السمارة ارتفاعها بشكل لافت، حيث سجلت خلال الساعات الأخيرة مستويات قياسية تجاوزت سقف 47 درجة مئوية في بعض الفترات، ما جعل الساكنة تعيش تحت رحمة صيف قائظ لا يرحم في بداية موسمه فقط.
شمس حارقة و “أريفي” امتزجا ليخلقا ظروفا مناخية متعبة، أرغمت المواطنين على تعديل روتينهم اليومي. الشوارع خلال النهار باتت شبه خالية، والحركة الاقتصادية تشهد فتورا مؤقتا، في انتظار الغروب ” منين يبرد الحال” حيث تعود الحياة تدريجيا إلى الساحات والمتنفسات العمومية، حين تنخفض الحرارة ولو قليلا وتتنفس المدينة الصعداء.
ولأن الحكمة الشعبية لا تخطئ، فإن وصايا “السلف للخلف” تتردد بقوة هذه الأيام وأشهرها “رد بالك لا تخبطك الشمس” في إشارة لتحذير متجدد من التعرض المباشر لأشعة الشمس الحارقة، خصوصا في أوقات الذروة. فحرارة الشمس لا ترحم والوقاية باتت ضرورة يومية.
وفي ظل هذا القيظ فضل البعض أن يقصدوا سواحل الجهة طلبا لنسيم البحر، باحثين عن ملاذ مؤقت يقيهم لهيب الصحراء. فامتلأت سواحل الوطية، فم الواد، وأخفنير بزوار من السمارة، في هجرة موسمية مألوفة كلما اشتدت الحرارة، يفر خلالها البعض نحو مياه الأطلسي الباردة ونسائم الغروب الساحلية.
ومع تزايد الضغط على المكيفات، وارتفاع استهلاك الطاقة، يطرح من جديد سؤال التأقلم المحلي مع التغيرات المناخية، خاصة في المدن الصحراوية مثل السمارة التي تحتاج إلى مزيد من الحلول المستدامة لتوفير بيئة عيش ملائمة في مثل هذه الفترات الحرجة.
أما فئات العمال والمياومين، خصوصا في قطاعات النظافة، الأشغال، الصيانة، والبناء.. فهؤلاء يواجهون الصعاب يوميا، مواصلين أداءهم بإصرار يعكس صلابة الإنسان السمراوي وقدرته على التحمل والمقاومة، رغم أن حرارة الطقس قد تتجاوز أحيانا حرارة الحديد نفسه.
ويبقى الأمل كما كل صيف معقودا على نفحات “العشي” حين تخف شدة الحر، وتفتح نوافذ المتنفسات أمام العائلات الباحثة عن نسمة من هواء، وقطرة من طمأنينة، في انتظار تغير المرتقب في الأجواء.