Take a fresh look at your lifestyle.

من يمد يد الرحمة لضحايا الشارع..!

أجساد تتكوم هنا وهناك، في هذا الملتقى أو ذاك، على رصيف بسوق أو بزنقة جانبية، مشهد قد يستفز البعض فيثير فيه مشاعر الغضب أو الشفقة، وقد يراه آخرون أمرا عاديا بحكم التعايش معه، حتى صار جزءا من مؤثثات الحياة اليومية في السمارة. إنهم المشردون من مختلف الأعمار، الذين وجدوا في الشارع مأوى وحيدا، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، أغلبهم من خارج الإقليم، لكنهم باتوا جزءا من صورته المؤلمة.

قد لا يلفتون الأنظار إلا في لحظات بعينها.. حين يمدون أيديهم للاستجداء، أو يتعاطون الكحول، أو ينفخون أكياس “السلسيون” بحثا عن غياب مؤقت عن الواقع، أو عندما تنتابهم نوبات هستيرية تبعث الرعب في نفوس المارة. غير ذلك يمرون أمام الأعين كأنهم ظل المدينة، بلا صوت ولا من يلتفت إليهم.

اليوم والحرارة تلامس الخمسين درجة مئوية نهارا، وتستمر أجواء خانقة حتى في الليل، تتضاعف معاناة هؤلاء فلا ماء باردا يروي عطشهم، ولا مكان مكيف يخفف عنهم وطأة القيظ. مشهدهم مرميين عند الأرصفة أو ملتصقين بجدران الأبنية بحثا عن شبر ظل، يختزل معاناة صامتة تستوجب دق ناقوس الخطر.

إن الأسباب التي دفعتهم إلى الشارع تتوزع بين ما هو اقتصادي واجتماعي وأخلاقي، لكن القاسم المشترك بينهم هو الحاجة إلى رعاية عاجلة. وفي وقت اعتدنا فيه على حملات “شتاء دافئ” التي تقدم الدفء والكساء، فإن الظروف الحالية تدعو إلى إطلاق مبادرة “صيف بارد” أو “صيف لطيف”، تتكامل فيها جهود السلطات المحلية، والتعاون الوطني، والفاعلين المدنيين، لتأمين الماء البارد، والمأوى المؤقت، والخدمات الصحية، حماية لأرواح هؤلاء قبل أن يحصدها القيظ.

فالمدينة التي تفتخر بروحها التضامنية، لا يمكن أن تدير ظهرها لضحايا الشارع في هذا الصيف القاسي. إنهم مواطنون قبل كل شيء، وحقهم في الحياة الكريمة لا يسقط تحت شمس الصحراء الحارقة.

قد يعجبك ايضا