تحركت السلطات المحلية والإقليمية في عدد من المناطق لمواجهة أزمة الماء الصالح للشرب التي تضرب العالم القروي، بعد تسجيل تأخر كبير في تنفيذ مشاريع حيوية كانت مبرمجة لتأمين التزود بهذه المادة الأساسية.السلطات دخلت في سباق مع الزمن، من خلال حملات استعجالية تعتمد على الشاحنات الصهريجية، لتأمين حاجيات السكان، خاصة في المناطق التي شهدت احتجاجات متكررة بسبب الانقطاع المتواصل وغياب الربط الفردي في عدد من الدواوير.وبحسب معطيات ميدانية فإن موجة العطش دفعت وزارة الداخلية إلى استنفار مصالحها، مع إصدار توجيهات لتفعيل دوريات المراقبة وترشيد الاستهلاك، بالتوازي مع تتبع أوراش حفر الآبار وتقوية الشبكات ومحطات التحلية.غير أن الأزمة كشفت أيضا عن اختلالات كبيرة بعدما رصدت تقارير أولية وجود استغلال غير قانوني للماء والكهرباء من طرف بعض المنتخبين والنافذين، حيث استعملت الموارد العمومية لأغراض فلاحية وتجارية، وتم تسجيل خروقات في صفقات اقتناء شاحنات صهريجية ومعدات تقنية.التحقيقات لا تزال جارية وقد تشمل في الأيام المقبلة مسؤولين جماعيين ورؤساء جماعات محلية يشتبه في تورطهم في التلاعبات، سواء في مشاريع الربط المائي أو في صفقات التجهيز، وسط توقعات بترتيب جزاءات إدارية وربما قضائية.وفي هذا الإطار تم توجيه استفسارات رسمية إلى عدد من الجماعات القروية التي عجزت عن تعميم التزود بالماء، في وقت ترتفع فيه درجات الحرارة وتتضاعف الحاجة إلى هذه المادة الحيوية.من جهة أخرى جرى إعطاء الأولوية في التوزيع عبر الصهاريج للمناطق التي شهدت احتجاجات قوية، في انتظار تحقيق تقدم في مشاريع حفر الثقوب وتجهيز الخزانات ومحطات التحلية، خاصة في الجهات المتضررة مثل الرباط–سلا–القنيطرة وسوس–ماسة.في ظل هذه الأوضاع يطرح المواطنون تساؤلات حقيقية: هل أزمة الماء سببها الجفاف فقط أم سوء التدبير؟ من يتحمل مسؤولية التراخي في إنجاز المشاريع المائية؟وما مصير الأموال المرصودة التي اختفت في صفقات مشبوهة؟الأكيد أن ساكنة العالم القروي تستحق حلولا جذرية تضمن كرامتها وحقها في الماء، بدل الانتظار في طوابير الصهاريج وتحمل نتائج سوء التدبير المحلي.