تفاجأ رواد المقاهي بزيادة في أثمنة الخدمات المقدمة بنسبة وصلت يقينا إلى 20 بالمائة. وهو ما جعل طرفا يستنكر والآخر يتفاجأ والأخير يتماشى مع الموجة. لست مدمن القهوة حتى يعتقد أربابها أنهم يمسكون بزمام قراراتي في استمرار مداومتها أو القيام بمقاطعتها، وبالرغم من ذلك سأحاول تقديم قراءة موضوعية قدر المستطاع معززا كلامي بأدلة من الواقع. فليَ حق الكتابة ولكم حق التحليل.
الإشكال لا يكمن في زيادات أرباب المقاهي في أثمنة خدماتهم، بل الإشكال في سيرهم مع قطيع المضاربين وتجاوزهم حد المعقول مع غياب أسباب موضوعية في استخدام هذا الحق الذي وصل نسبة 20 بالمائة (12 درهم بدل 10 دراهم). بالإضافة لتطبيعهم مع الزيادات غير المقعولة والتي تنهكك جيوب الناس إجمالا ومرتادي المقاهي بالخصوص.
حسابيا:
🏠 سومة الكراء لم تتغير.!
🛒 أثمنة المواد الأولية التي يستخدمها أرباب المقاهي لم تتغير. وفي حال تغيرت فربحهم فيها يغطي الزيادات التي عرفتها هذه السلع.
مثال:
🍶 الماء المعدني: ثمنه 2 دراهم بالدكان. ويقتنيه صاحب المقهى بأقل من ذلك لكونه يقتنيه من الموزع ويبيعه ب 3 دراهم (هامش ربح يفوق 33 بالمائة)
🍶 المياة الغازية: ثمنها بالدكان 5دراهم وصاحب المقهى يقتنيها من الموزع بأقل من ذلك ويبيعها ب 10 دراهم (هامش ربح يفوق 100بالمائة)
🍹 العصير: وإن افترضنا أنه عصير طبيعي تماما فتكلفة (برتقالتين أو تفاحتين أو موزتين…) لن يتجاوز 4 دراهم وصاحب المقهي يبيع العصير ب 15 درهم (هامش ربح يقارب 400 بالمائة)
🥔 القهوة: من خلال سؤالي لأحد البارمانات عن ثمن القهوة أخبرني أن المقهى التي يشتغل بها تقتني نوعية قهوة من وزن 12 كلغ ب 1140 درهم، فيكون ثمن الكيلوغرام 95 درهم. 1 كلغ ينتج ما بين الستين و السبعين فنجان قهوة بمعنى أن عبوة 12 كلغ 780 فنجان قهوة والربح كالتالي: 780*7= 5460. أي أن عبوة بثمن 1140 درهم تنتج 5460 (هامش ربح 700بالمائة).
هنا يطرح السؤال بأي ذريعة كان لكم حق الزيادة في الثمن. فضلا عن مواد الحليب واللويزة ….كلها تترك هامش ربح يفوق 400بالمائة.
قد يقول قائل :لكن المشروب المقدم تصاحبه خدمات أخرى. فأجيبه بالقول أن تغطيتها واردة في الاحصائيات السابقة مع صافي ربح كبير لصاحب المقهى.
🤔 مفارقة عجيبة:
يقارن أرباب المقاهي بالسمارة أنفسهم بمقاهي في مدن مثل الدار البيضاء مراكش أكادير…مع تغييبهم في مقارنتهم لفرق المصاريف بين المدن.
1️⃣ فارق رقم 1: إن كان أرباب المقاهي يستأخرون المحلات بأثمنة تتراوح بين 15000 درهم و25000 درهم فإن أثمنة استئجار محل المقهى بالسمارة يتراوح بين 2000 و 3500 درهم كمتوسط.
2️⃣ فارق رقم 2: إن كانت المقهى بالمدن التي أشرنا إليها يُحتاج في تجهيزها لمبالغ تتراوح بين 30 مليون و 45مليون كمتوسط فإن تجهيزات المقاهي بالسمارة لا تتجتوز في متوسها 5 إلى 8 مليون. (عموما مع استناء قلة قليلة ليس لها أيضا الحق في هذه الزيادة).
3️⃣ فارق رقم 3: المقاهي بالمدن التي أشرنا إليها تؤدي مصاريف جانبية أساسية مثل:
📑 التأمين من المخاطر (لاصورانص)
📑 تسجيل العاملين بها بcnss
💰 أداء الضرائب
📑 أداء ثمن كراء المكان العمومي قصد استغلاله….
فإن كل هذا من مقاهي مدينة السمارة…
سؤال:
من منح الحق لأرباب المقاهي في ترسيم هذه الزيادات؟ أوَ كلما عانى أحد أرباب الخدمات العمومية من ضائقة مالية جمع من يشاركه نفس الخدمة وأقروا زيادة صارت لازمة على الجميع؟
أين هي السلطات العمومية من هذا الحدث أم أن في الأمر تواطؤ؟
كيف أنه وبعد ارتفاع ثمن المحروقات لما يناهز 90 بالمائة خاض من يشاغل بوسائل النقل العمومي مجموعة من المعارك من أجل إقرار زيادة معينة تقاسمهم إرهاق ثمن المحروقات في حين أن أرباب المقاهي فعلوا نفس الأمر وأكثر بين عشية وضحاها. (الزيادة في ثمن المواصلات مشروع ولكن ثمنه الحالي غير واقعي ولا موضوعي وهذا رأي شخصي)؟
خلاصة:
المقهى ليست شيئا أساسيا في حياة أغلب الناس وحتى في رأي مرتاديها، حتى لا يظن أصحابها أن مقدم الزبون لهم أمر حتمي. ولا الزيادة في ثمنها أمر مهم يحتم علينا “التخمام فيه”. إلا أن في الأمر ماهو أعمق وأبعد من ذلك…إنه التطبيع مع الزيادات.
فإن قبلنا الزيادة تربص بنا الحلاق والإسكافي والسودور والنجار وسائق الطكسي والخياط…وإن أطرنا وعينا وقاطعنا عاد الأمر لطبيعته وكانت قناعة مقدمي الخدمات بسومتهم ثابتة…وإلا فأذنوا بإمام يرفض الصلاة بالقوم حتى يقدمون له الإتاوة وموظف يرفض القيام بمهامه قبل أخذ أجرته من المواطن …
قناعة:
بعد زيادتهم في ثمن خدماتهم لي الحق في مقاطعة زيارتهم…ولكل وجهة هو موليها.
كتابتي لا تعكس إدماني بل تحذر من تسلل التطبيع مع الزيادات في أثمنة الخدمات..
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
القادم بوست
قد يعجبك ايضا