
في خضم النقاشات المحتدمة التي تعيشها الساحة المحلية بالسمارة، يطفو على السطح جدل غير منصف أحيانا حول تقييم أداء الجماعة الترابية، وكأن الولاية الحالية قد استوفت عمرها السياسي، وكأن المشاريع كلها قد استكملت أو تم التراجع عنها..!
وسط هذا السجال لا بد من طرح سؤال جوهري ” كيف يمكن الحكم على ولاية لم تنته بعد..!؟” “وهل من الإنصاف تقييم تجربة لم تكتمل فصولها..!؟”
المهندس مولاي إبراهيم شريف رئيس جماعة السمارة وجد نفسه منذ اليوم الأول أمام إرث إداري وبنيوي ثقيل، عمره أكثر من عقود من التدبير التقليدي، ووسط إدارة مثقلة بالتراكمات والمقاومات الصامتة. غير أن ما ميز انطلاقته هو تلك الروح القتالية العالية والإصرار الواضح على قلب الصفحة وفتح أخرى جديدة عنوانها النزاهة والصرامة والفعالية.
منذ تسلمه المسؤولية تجلت معالم هذا التحول في عدة مؤشرات عملية لا تخطئها العين منها : الوقوف الشخصي على الإدارة والزيارات الميدانية المستمرة، الانفتاح على المحيط الداخلي والخارجي، مصارحة الشركاء والساكنة بحجم التحديات، والبدء الفعلي في ترجمة الأولويات على أرض الواقع.
ما لا يدركه البعض أو يتغافل عنه أن المشاريع التنموية لا تنجز بين عشية وضحاها. من الدراسات التقنية، إلى إعداد الملفات، ثم تمرير الصفقات، فالتمويل والمتابعة… كلها حلقات تستغرق وقتا وجهدا، ولا يعقل المطالبة بحصيلة “جاهزة” بعد أربع سنوات من مواجهة “تضاريس داخلية” وعراقيل مؤسساتية تم زرعها على مدى سنوات من التدبير المهادن.
فأوراش إعادة التهيئة الحضرية، وتأهيل الفضاءات العمومية، وإصلاح الإدارة.. كلها ملفات تم فتحها بجرأة، ويجري الاشتغال عليها اليوم بمهنية غير مسبوقة.
ولعل ما لا يجب أن يغفل هو الدور الحاسم لجماعة السمارة، في شخص رئيسها في ملفات كبرى كان يمكن أن تعرف تعثرا لولا تدخلها الحاسم.
فكلنا يعلم أن إعادة إسكان مخيمات الوحدة هو مشروع ملكي بامتياز، لكنه عرف عراقيل كثيرة، ولولا دخول جماعة السمارة على الخط لعرف المشروع تأخرا كبيرا في التسليم.
كذلك فإن ملف تعويض ساكنة الربيب الأصلية التي انتظرت منذ سنة 1979 إنصافها وتعويضها عن مساكنها آنذاك، لم يكن ليرى النور لولا جهود المجلس الحالي في خطوة اعتبرت مصالحة حقيقية طال انتظارها.
وهناك أيضا برنامج التأهيل الحضري الذي سيحدث نقلة نوعية في المشهد الغير مألوف، وصفقة الإنارة العمومية بنظام LED التي ستعلن قريبا، في مشروع يروم تعميم الإنارة الحديثة على كامل أحياء المدينة.
أمام هذه الدينامية هناك من يخشى تنزيل هذه المشاريع، ويقلقه هذا النفس الإصلاحي غير المسبوق، فيحاول ذر الرماد في العيون بخطابات جوفاء يظن أصحابها أنها نقد بناء، وهي في الحقيقة مجرد تشويش يفتقر للموضوعية.
ما يثير الاستغراب فعلا هو هذا النقد “الفجائي” الذي لا يطال الفترات السابقة رغم امتدادها الزمني، بل يصوب سهامه حصريا نحو الولاية الحالية..! وكأن الرئيس الحالي هو من رسم ملامح البنية التحتية الحالية، أو أنه كان مسؤولا عن تهميش أحياء سكنية بكاملها لعقود…
أليس من الأجدى أن نسائل من كانوا بالأمس القريب في موقع المسؤولية، بدل شيطنة من يحاول اليوم إصلاح الأعطاب البنيوية؟
من الطبيعي أن تصطدم أية قيادة إصلاحية بأطراف متضررة من التغيير، ممن استأنسوا العبث الإداري، والممارسات الريعية، والامتيازات غير المستحقة. هؤلاء لن يستسلموا بسهولة، بل سيقاومون في العلن والخفاء. لكنهم اليوم في مواجهة قيادة مدنية هندسية تؤمن بالأرقام والنتائج أكثر من الشعارات والخطابات.
إننا في جريدة صوت السمارة إذ نتابع بشكل مسؤول ومهني أداء الجماعة الترابية السمارة، ونجدد التأكيد على أن التغيير لا يقاس بالشهور بل بالمردودية والتراكم، وأننا نرى بوضوح إشارات إيجابية تستحق الإنصاف من قبيل :
إعادة تنظيم البيت الداخلي للجماعة، ومحاصرة مظاهر الفوضى في المرافق العمومية، والتخطيط لمشاريع تنموية حقيقية، تدشين مؤسسات مهيكلة كانت مجمدة، المساهمة في إنصاف ملفات عالقة منذ عقود، والاستعداد لإطلاق أوراش كبرى ستغير وجه المدينة.
نقولها بصراحة.. المهندس مولاي إبراهيم شريف لا يملك عصا سحرية لكنه يمتلك رؤية، وإرادة وجرأة لم يسبق أن عرفتها الجماعة في تاريخها الحديث.
ولأن التاريخ لا يكتب في بداياته بل في مآلاته، فلنمنحه الوقت الكافي ولنفسح له المجال ليكمل ما بدأه فربما، فقط ربما تكون السمارة على موعد مع تحول حقيقي تستحقه منذ زمن بعيد.
ويبقى التاريخ مفتوحا…