بقم الأستاذ الباحث : محمد مولود بيبا
يتوفر مجال الساقية الحمراء العليا الذي يمثل إقليم السمارة على شبكة هدروغرافية هامة، ساهمت بشكل كبير من خلال الممرات الطبوغرافية و الاودية في تسهيل تنقل المجموعات البشرية، وكذا في هجرات الحيوانات،كما أمنت حركات التنقل لفترات طويلة لتوفرها على عدة عناصر قد تساعد المسافرين العابرين للصحراء منها : الأمن سهولة المسالك تقابل الأودية والروافد التي تصب في واد الساقية الحمراء من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال أجود المياه و الكلاء للدواب و الظل و الدفء والحطب .. وتعود حركة التنقلات البشرية بمجال عالية الساقية الحمراء إلى فترات ما قبل التاريخ، فكثيرة هي السجلات التاريخية و المواقع الأثرية المتمركزة على طول الممرات والمسالك الشاهدة على هذا الجسر الذي شكل حلقة لتواصل الحضاري بين شمال أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، وحفز الإنسان على نقل أفكاره وتجاربه ومهارته وتجارته.. الشي الذي جعل من المنطقة أن تكون منفتحة على العديد من الثقافات والحضارات الأخرى. فوجود نقوش ورسوم العربات بالعديد من المواقع بالإقليم دليل قاطع على ذلك التواصل الحضاري والتبادل التجاري بين شعوب البحر الأبيض المتوسط وشعوب جنوب الصحراء الكبرى لفترات طويلة . ولعل ما دونه أبو التاريخ هيرودوت عن زيارته لشمال أفريقيا ما مفاده عن استعمال شعوب الجرمنت للعربات وعلاقتهم السياسية والتجارية مع الرومان . كما ذكر المؤرخ الموريتاني حماه الله ولد سالم أن الجرمنت اجتاحوا الصحراء بالعربات وكانت لهم علاقات مع شعوب الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط ونقلو من خلال عرباتهم السلعهم من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال من ضمنها بعض حيوانات السافانا الأفريقية كزرافات والفيلة التي كانت تستعمل في السرك بالضفة الشمالية للبحر الابيض المتوسط خاصة في مساريح روما . ومن بين وأهم الممرات المعروفة والمرتبطة بتجارة القوافل خلال العصر الوسيط وبداية الحديث بإقليم السمارة نجد ثلاثة ممرات رئيسية من الشمال إلى الجنوب وممر ثانوي من الغرب إلى الشرق عُرفت هذه المسالك بمحطات لتوقف القوافل من أجل التزود بالماء والتبادل التجاري مع ساكنة المنطقة و تقصي عن أخبار الممرات و المسالك والاستعانة بوجهاء و أعيان قبائل المنطقة والمساعدة بالدليل أمنير و الزطاطة ومن بين هذه الممرات نجد:
-1- ممر اسميرة السمارة عبر أمكالة- أمات الحم – بير أمكرين
-2- ممر حوزة عبر التيفاريتي – بير تيغيسيت .
-3- ممر الفرسية عبر بير لحلو – عين بنتيلي.
وبهذا يكون مجال إقليم السمارة زمور- الساقية الحمراء جسرا بين المجال الصحراوية والمتوسطية نقلت عبره ثقافات ومعتقدات وعادات الشعوب التي تعاقبت على المجال، علاوة على السلع بمختلف أصنافها التي نشطت حركتها خلال ابتداء من الفترة الوسطية مرورا بفترة المرابطين والمرينين والسعدين وغيرهم الذي مروا من هذا المجال للوصول إلى عمق الساحل الافريقي نحو مملكات مالي وغانا وسونغاي التي دخلها الاسلام واللغة العربية عبر مجال الساقية الحمراء كما أن هذا المجال نشطت فيه حركة علمية وصوفية منقطعة النظير.