Take a fresh look at your lifestyle.

الدكتور الخليل الواعر يرد على الشبهات حول نسب الشيخ سيدي أحمد الركيبي.. “العلم وسيلتنا والحوار منهجنا”

في سياق الجدل الذي أثير عقب نشر كتاب “جوامع المهمات في أمور الرقيبات” خرج الباحث الدكتور الخليل الواعر بتدوينة على صفحته الشخصية فيسبوك يوضح فيها موقفه من المسألة، مؤكدا أن الرد لن يكون سوى في إطار “المنهج العلمي الذي يحترم وجهات النظر وينصف الخصوم” بعيدا عن أي انفعال أو اتهام مجاني.

الرد الذي نشره الباحث ضمن هامش مؤلفه الجديد “ببليوغرافيا أعلام ومخطوطات ووثائق قضاة الركيبات أهل عبد الحي” (الصادر سنة 2025)، جاء ليجيب على ما وصفه بـ “الشبهات التي أثارها الخصوم والمعتدون على نسب الشيخ سيدي أحمد الركيبي”، موضحا أن الدافع وراء ذلك هو “تصحيح المغالطات التاريخية من خلال منهج التوثيق والتحليل، بعيدا عن منطق التجييش والتأويل غير المنضبط”.

ويؤكد الدكتور الواعر في رده قائلا “طلب مني بعض الإخوة والأساتذة الأفاضل أن أنشر ما كتبته تعليقا على ما ورد من شبهات حول المسألة الواردة في كتاب: جوامع المهمات في أمور الرقيبات، والتي أجبت عنها في هامش كتابي…”.

كما شدد الباحث على ضرورة المصالحة مع التاريخ، قائلا “وليعذرنا إخواننا أهل تجكانت أهل العلم وأصحاب الحظوة عن ما مضى من تاريخ كانت فيه الحروب سجالا بين الإخوة، غفر الله للجميع وعفى عنهم، لكن التاريخ يذكر للعبرة والاعتبار. وهو مبثوث في المظان التاريخية وصار من ثقافتنا وتراثنا الذي لا مفر من التصالح معه وتقبله واستخلاص العبر منه”.

ويخلص الدكتور الخليل إلى أن الهدف الأسمى هو تحصين الذاكرة المشتركة من أي تحريف، مشددا على أن “المسألة العلمية يجب أن تظل في إطارها الأكاديمي النبيل، بعيدا عن منطق الاصطفاف أو النزاعات الهوياتية” داعيا في الوقت نفسه إلى “اعتماد البحث الموثق كآلية لترسيخ الحقائق وصيانة الموروث الثقافي من أي تشويه”.

وتذكرنا هذه المسألة بما أثاره الفيلم السينمائي المسمى “زوايا الصحراء زوايا الوطن” الذي عرض يوم الخميس 22 دجنبر 2022 بقصر المؤتمرات بالعيون، حيث تضمن فقرة أثارت موجة كبيرة من الاستنكار والاستهجان والاستغراب وهي عبارة عن شهادة لأحد الأساتذة -غفر الله لنا وله_ مفادها: (أن الشيخ سيد أحمد الركيبي لم يعقب)، معتمدا في ذلك على ما أدعاه مصطفى ناعيمي في الدراسة النظرية التي صَدَّرَها تحقيقه لكتاب “جوامع المهمات في أمور الركيبات” لمحمد سالم بن الحبيب بن الحسين بن عبد الحي، على الرغم من أن المحقق لم يعضد أو يستند في قوله هذا على شيء يصح به نقض الأصل والإقرار الصريح والخبر الصحيح الذي تواترت به الشهادات واتفقت عليه النقول وأثبته علماء الأنساب كالمختار بن حامد في موسوعته (الجزء الجغرافي) في صحة نسب الركيبات إلى جدهم سيد أحمد الرﮔيبي واتصال نسبهم بالبيت النبوي الشريف. ولعل ما أورده ناعيمي وهم وخلط، وسقط وخطل، وسوء تقدير لا يليق بمن خبر طرائق ومناهج البحث وأصوله العلمية في إثبات الحقائق، ناهيك عن خطورة هذا الزعم الذي يطعن في أنساب الناس دون أدنى تثبت، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن ما أورده ناعيمي لا يسلم له في أدبيات البحث العلمي ولا يوافق أصول النقل والرواية، فمما أورده في هذا السياق: “عبارة عن رواية شفوية لأولاد دليم، وأولاد غيلان تشكك في وجود علاقة قرابة فعلية بين سيدي أحمد الابن والحفيد” و هذا الكلام مرفوض لا يقبله العقل ولا يوافقه النقل، ولا يصدقه ذو المروءة والشهامة، وذلك لاعتبارين اثنين:
الاعتبار الأول: أن ناعمي لم يذكر مصدره في الرواية الشفوية لأولاد دليم، وأولاد غيلان، وإنما أورد كلاما مرسلا دون إسناد، والمرسل عند المحدثين من الحديث المردود الذي لا يعتد به حتى يسند إلى قائله، وحتى إذا ثبت السند ووثق برجاله لا يجتاز القنطرة إلا بعد أن يصح المتن، وبهذا يكون ناعيمي خالف أصول الرواية الشفوية، بعدم ذكر قائلها وحال راويها وتاريخها. ولا يخفى على المؤرخين أن التاريخ بدون مصادر ليس بتاريخ، كما أن الرواية الشفوية لا تكتب إلا إذا كان لها مصدر أو طريق يعضدها أو قرينة تلحق بها، فصنعة المؤرخ -هذا إذا كان مؤرخا بمعنى الكلمة- لا تقتصر على مجرد نقل الأخبار وروايتها أو كتابتها دون مناقشتها ومقارنتها والاستدلال على صحتها، والنظر في راويها وأغراضه وخلفيته وسياقها التاريخي، وإلا ‌قال من شاء ما شاء، فكما قال عبد الله بن المبارك: الإسناد عندي من الدين، والدين جاء ليحفظ الضروريات الخمس، ومنها: حفظ العرض، وهذا حال الافتراء والبهتان الذي أورده ناعيمي في روايته، لا يستند لحجة قائمة ولا يوافق ما سبق ذكره من أدبيات ومناهج النقد التاريخي، ويفتقد لحس صناعة المؤرخ الثبت في سرد المرويات، ومخالف لما صدر من أجله كتاب “جوامع المهمات في أمور الركيبات” الذي يدور جوهره ولب قصده حول إثبات النسب الشريف للشيخ سيدي أحمد الركيبي، وربما جاء في سياق سابق للرد على محمد المختار بن الأعمش الجكني الذي صدرت عنه مغالطات وتحريض على مواجهة الركيبات بسبب الحروب التي دارت رحاها بين القبلتين مدة من الزمن، وسنورد تفصيلا لذلك في القادم من فصول الكتاب. كما أنه لم يسلم من هذا الطعن مولاي عبد السلام بن مشيش وغيره من الأولياء والصلحاء الذين نترفع عن وصفهم إلا بما يحفظ مكانتهم ووجاهتهم وسمو منزلتهم. وهذا يكاد يكون مذهبا شائعا عند المستشرقين في تعاملهم مع القبائل الأفريقية عامة والمغربية خاصة، وهو ما يعرف بالنظرية الانقسامية التي يسعى من خلالها المستشرقون إلى التشكيك في ارتباط كل قبيلة بالجد الأكبر لها أو الموالية له لتفكيك ارتباط القبيلة بالجد المؤسس سواء البيولوجي أو الرمزي، حتى يسهل هدم أواصرها والتفريق بين مكوناتها ومن ثم السيطرة عليها. وقد كان هذا التوجه هو منهج القوى الاستعمارية مع أغلب القبائل في جبال الأطلس الكبير والصغير.. فالتقفتها النفوس الضعيفة وجعلت منها مطية لقذف أعراض الناس ومنازعتها في أنسابها، ولا أجد فاعل ذلك إلا كمن يصدق فيه قوله سبحانه تعالى:﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ (النور، الآيات: 14-15-16-17)
الاعتبار الثاني: من المعلوم في أصول الأحكام والقضاء أن شهادة الخصوم لا يعتد بها، لأنها مظنة الحيف والجور، والأصل فيها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:” لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين”، وذلك لأن التهمة تقدح في التصرفات كما قال الإمام شهاب الدين القرافي، وتهمة العداء بين الرﮔيبات وأولاد دليم وأولاد غيلان قديمة حاصلة وواقعة، فلا شك أنها لا تسلم من مظنة الحيف وشبهة الخصومة، فتسقط شهادتهم وروايتهم فلا يعتد بها ولا يلتفت إليها ولا يتوقف عليها، بحكم أنه تمنع في باب الخصومات شهادة الأعداء والخصوم؛ لأن الغالب منهم الحيف، فلا يخفى على الدارسين لتاريخ الركيبات وأيامهم وحروبهم مع القبائل المحاربة ذات الشوكة، كأولاد أبي السباع، وتجكانت، وولاد المولات، ومن خصومهم أيضا أولاد دليم وأولاد غيلان التي كان للرقيبات معهم أيام وصولات وجولات لا حصر لها، وقد ورد من أخبارها الكثير في كتاب “التقييد في نسب وأيام قبيلة الركيبات” لمحمد سالم بن الحبيب الذي حققه محمد دحمان. فانظر ذلك. وبناء على ما سبق عرضه نوصي ذوي الألباب المسؤولة بإعادة تحقيق كتاب “جوامع المهمات في أمور الرقيبات” ‌كردة ‌فعل علمية مضادة لما صدر عن المحقق، تتخذ من الفكر والمنهج العلمي وسيلة حضارية في الرد على تزييف الحقائق التاريخية، وموصيا من جهة أخرى أبناء وحفدة قبيلة الركَيبات اجتناب تبني كل وسائل البهرجة والإسراف والوعيد للرد على مثل هذه المزاعم، التي يرى أنها لا تتخذ من الفكر والتاريخ أساسا لها. مشددا على أن الفكر لا يقارع إلا بالفكر ومن يبتغي دون ذلك فهو مسرف في إطلاق العواطف، والمُسرف في عاطفته غلبا ما يخسر دائمًا.

قد يعجبك ايضا