
يخلد المغرب اليوم الذكرى السادسة والأربعين لاسترجاع إقليم وادي الذهب، محطة مفصلية في مسار استكمال الوحدة الترابية للمملكة، وحدثا وطنيا يرسخ في وجدان الأمة المغربية بما يحمله من دلالات سياسية وانعكاسات اقتصادية واجتماعية ممتدة عبر الأجيال.
ففي 14 غشت 1979، توجه وفد من أعيان ووجهاء وشيوخ قبائل وادي الذهب إلى القصر الملكي بالرباط ليجددوا البيعة والولاء لجلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، إيذانا بالعودة النهائية لهذا الجزء العزيز إلى حضن الوطن الأم. كان ذلك اليوم إعلانا صريحا عن وحدة الأرض والشعب تحت راية السيادة المغربية، ورفضا لأي محاولة لزرع الانقسام أو المساس بالمقدسات الوطنية.
جاء استرجاع وادي الذهب في سياق سياسي إقليمي ودولي حساس، تميز بمحاولات قوى معادية التشويش على وحدة المغرب الترابية. وقد شكلت هذه الخطوة تأكيدا على قدرة المملكة على الدفاع عن حقوقها المشروعة بالوسائل السلمية والسياسية، متسلحة بشرعية تاريخية وقانونية، وإرادة شعبية راسخة. واليوم يواصل المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، نهج الحزم في الدفاع عن وحدته الوطنية، مع الانفتاح على مبادرات التنمية والتعاون الإقليمي.
منذ استرجاع الإقليم وضعت الدولة المغربية استراتيجية تنموية طموحة لتحويل وادي الذهب إلى قطب اقتصادي مزدهر، مستفيد من مؤهلاته البحرية والزراعية والسياحية. وقد شهدت الداخلة تحولات كبرى ببنيات تحتية عصرية، من موانئ ومناطق صناعية، إلى مشاريع كبرى في الصيد البحري والطاقات المتجددة، جعلتها وجهة واعدة للاستثمار ومركزا تجاريا يربط المغرب بعمقه الإفريقي.
استراتيجية الدولة شملت الجانب الاجتماعي كذلك باستفادة ساكنة وادي الذهب من برامج الإسكان، والصحة، والتعليم، وفرص الشغل، عززت اندماجهم الكامل في النسيج الوطني. كما ساهم الانفتاح السياحي والثقافي في إبراز الهوية الصحراوية الأصيلة، وإشعاع التراث المحلي كجزء لا يتجزأ من الهوية المغربية المتعددة الروافد.
إن تخليد الذكرى 46 لاسترجاع وادي الذهب هو مناسبة لاستحضار ملحمة وطنية صاغها الوفاء، وتجديد العهد بمواصلة المسيرة التنموية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، دفاعا عن الوحدة الترابية، وبناء مغرب قوي ومزدهر، يكون فيه الإنسان محور كل السياسات.