Take a fresh look at your lifestyle.

من المسيرة الخضراء إلى مسيرة التنمية.. السمارة تعزز موقعها كبوابة للمغرب نحو إفريقيا.

يشكل مشروع طريق أمكالة الرابط بين السمارة والحدود الموريتانية إلى جانب تفعيل الخطوط الجوية عبر مطار السمارة، أحد أبرز الأوراش المهيكلة التي تحمل في جوهرها بعدا استراتيجيا عميقا يتجاوز البعد المحلي إلى أفق وطني وإقليمي ودولي، بما ينسجم مع الرؤية الملكية المتبصرة الرامية إلى جعل الأقاليم الجنوبية بوابة انفتاح على العمق الإفريقي وربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي.

إطلاق هذا المشروع الطرقي هو خطوة نوعية لإعادة تشكيل الخريطة الاقتصادية للإقليم، ولا يختزل في كونه مسلكا بريا جديدا فحسب، فالمحور الرابط بين السمارة والجارة الموريتانية سيعزز المبادلات التجارية، ويوفر مسارا حيويا لحركة البضائع والأشخاص، ويجعل من السمارة عقدة أساسية في شبكة لوجستيكية عابرة للحدود. هذه الدينامية من شأنها خلق فرص اقتصادية جديدة، وجلب استثمارات متنوعة في قطاعات النقل، والتخزين، والتجارة البينية، مما سيكرس موقع الإقليم كبوابة رئيسية لعبور نحو إفريقيا الغربية والساحل.

وبالتوازي مع ذلك يبرز مطار السمارة كواجهة جوية منتظرة منذ سنوات، إذ يمنح الإقليم بعدا استراتيجيا جديدا. فتح خطوط جوية منتظمة يعد رافعة تنموية حقيقية. فمن شأن هذا المرفق أن يسهل حركة المستثمرين ورجال الأعمال، ويدعم المبادلات السياحية والثقافية، ويقرب الإقليم من المراكز الاقتصادية الوطنية والدولية. كما أن دوره في تأمين نقل سريع للطاقات المتجددة والمنتجات الفلاحية والسمكية والصناعات المحلية يجعل منه عنصرا محوريا في ربط الجنوب بالمشاريع الوطنية الكبرى، فضلا عن مساهمته في تعزيز الأمن الاقتصادي والتجاري للمملكة.

الرؤية الملكية وراء هذه المشاريع تنطلق من مبدأ واضح، وهو تحويل الأقاليم الجنوبية من مناطق حدودية إلى مراكز إشعاع إقليمي. فالربط البري عبر طريق أمكالة، مقرونا بالربط الجوي عبر مطار السمارة، يشكلان معا منظومة متكاملة تعيد توجيه تدفقات السلع والخدمات والاستثمارات نحو عمق القارة الإفريقية، بما يعزز مكانة المغرب كفاعل محوري في الربط بين إفريقيا جنوب الصحراء والمحيط الأطلسي وأوروبا.

فـ منذ توليه المسؤولية على رأس إقليم السمارة، عمل الدكتور إبراهيم بوتوميلات عامل الإقليم بخطى ثابتة على تنزيل هذه الرؤية على أرض الواقع. فالمتابعة الدقيقة لمختلف المشاريع، والتنسيق المتواصل مع مختلف الشركاء المؤسساتيين والاقتصاديين، يعكسان مقاربة تدبيرية تجعل من التنمية الشاملة هدفا مركزيا، وتربط بين ما هو وطني استراتيجي وما هو محلي ميداني.

تزامن هذه الأوراش مع الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء يحمل دلالة رمزية عميقة، فهو انتقال من مسيرة التحرير والوحدة الترابية إلى مسيرة البناء والاندماج الاقتصادي. فالطريق والمطار يشكلان في العمق تجسيدا لمسيرة جديدة عنوانها التنمية والريادة الإقليمية، ومضمونها تعزيز مكانة المغرب بين إفريقيا وأوروبا.

أما على المستوى الاجتماعي والثقافي فقد لاقت هذه المشاريع ترحيبا واسعا من مختلف الفاعلين المحليين. فقد أكد رئيس المجلس الإقليمي للسمارة السيد سيدي محمد سالم البيهي في أكثر من مناسبة أن المعبر البري يمثل رافعة حقيقية لتقوية النسيج الاقتصادي والاجتماعي بالإقليم، ويفتح آفاقا واسعة أمام الشباب والمقاولات المحلية. كما عبرت رئيسة جماعة أمكالة السيدة فاطمة سيدة عن ارتياحها لهذه الخطوة، معتبرة أن الطريق الجديد سيحول الجماعة إلى حلقة وصل محورية، ويمنحها فرصا جديدة للتنمية المجالية وتحسين ظروف عيش الساكنة.

من جهته شدد المهندس مولاي ابراهيم شريف رئيس جماعة السمارة، على أن هذه الأوراش تدخل في إطار مقاربة شمولية تهدف إلى تحديث البنيات التحتية وربط المدينة بمحيطها الإفريقي، بما يواكب التحولات الوطنية الكبرى ويستجيب لتطلعات المواطنين.

ولم يفت الشيوخ والأعيان والفاعلين المدنيين التأكيد على البعد التاريخي والاستراتيجي لهذه المشاريع، مشددين على أن الأمر يتعلق بثمرة لرؤية ملكية استباقية تضع الإنسان في قلب التنمية. كما أن العديد من المهتمين بالشأن المحلي أشاروا إلى أن الربط البري والجوي سيعزز التبادل الثقافي ويتيح للساكنة فضاءات أوسع للتواصل والانفتاح، بما يرسخ الهوية الوطنية في بعدها الإفريقي ويكرس قيم التعايش والانصهار.

إن طريق أمكالة ومطار السمارة، بما يحملهما من رهانات اقتصادية واجتماعية ودبلوماسية، يشكلان جزءا لا يتجزأ من مسيرة تنموية متجددة. مسيرة تعكس إرادة صلبة في جعل الأقاليم الجنوبية فضاء متكاملا للتنمية، ونموذجا لاندماج محلي وجهوي في أفق رؤية ملكية طموحة تستشرف مستقبل المغرب في عمقه الإفريقي.

قد يعجبك ايضا