
في الوقت الذي كان فيه شباب السمارة من الإعلاميين الطموحين يشقون طريقهم في أول تجربة تأطيرية من نوعها، ضمن برنامج تكويني غير مسبوق يستهدف بناء جيل جديد من الصحفيين المحليين المؤهلين معرفيا وأخلاقيا، اختارت فئة محدودة أن تصدر بيانا “خديجا”، لا يكتمل موضوعا ولا مضمونا، زاعمة الحديث باسم الجسم الإعلامي المحلي بينما الواقع يثبت خلاف ذلك تماما.
لقد شاركنا – بصفتنا فاعلين إعلاميين شبابا – في الدورة التكوينية المنظمة بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة بمدينة السمارة، وهي مشاركة لم تكن فقط لتلقي المعارف أو الحضور الرمزي، بل كانت في جوهرها فعلا ميدانيا يجسد قناعة راسخة بأن التكوين والارتقاء بالممارسة المهنية هو الرد العملي على كل محاولات التشويش.
وحين يروج لبيان يقحم الصحفيين في صراعات هامشية أو يمارس الوصاية على طموحاتهم، فإننا نختار أن نرد في الواقع.. لا في المواقع. نرد بالحضور الجاد، بالتكوين، بالاجتهاد، وبالاقتناع أن المرحلة تتطلب إعلاما مسؤولا متشبعا بقيم المواطنة والانخراط الإيجابي لا خطابات خشبية مشبوهة التوقيت والمقاصد.
من المؤسف أن تستغل ذكرى عالمية نبيلة لتصفية حسابات شخصية أو بث رسائل تغرد خارج سرب المهنة. والمؤسف أكثر أن يختزل الإعلام المحلي في لائحة ضيقة تقصي العشرات من الطاقات الصاعدة والفاعلة، لمجرد أنها اختارت أن تكون جزءا من مسار التأهيل والتحديث، لا من جوقة الضجيج.
لقد أكدنا من خلال حضورنا أن الإعلام الحقيقي لا يختزل في البلاغات، ولا في نشر الاتهامات الجاهزة، بل يبنى بالحوار وبالاحتكاك بالمؤطرين وبالتحصيل وبالممارسة الميدانية. وهذا ما ستجسده الدورة التكوينية التي ستجمع مؤطرين من الصف الأول في الإعلام المغربي والعربي، وأعطت للمشاركين فرصة نادرة للتكوين والتفاعل الجاد.
وفي هذا السياق لا يسعنا إلا أن نتقدم بجزيل الشكر والتقدير لعامل صاحب الجلالة على إقليم السمارة، السيد الدكتور إبراهيم بوتوميلات، على مواكبته الدائمة وحرصه الملموس على دعم المبادرات النوعية التي تستهدف الإعلاميين الشباب وعلى ثقته في قدراتهم كرافعة للتنمية والتأطير.
فإن الجسم الإعلامي الحقيقي بالسمارة لا يمكن اختزاله في ورقة، ولا في توقيعات افتراضية. الجسم الإعلامي هو كل من اختار العمل والبحث والارتقاء وخدمة المجتمع بقلمه وعدسته وصدقه، لا بمنشوراته الفيسبوكية فقط.
فحين يكون الرد في الواقع.. وليس في المواقع..!
ندرك أن مسار البناء أصعب من خطابات الهدم، لكنه وحده القادر على أن يصنع الفرق وأن يرسم مستقبلا أفضل لإعلام إقليمي يستحق أن يكون في مستوى انتظارات المجتمع وتطلعاته.