
في عمل علمي يعكس عمق التكوين الأكاديمي، وحرصا على تيسير المادة الحديثية لطلبة العلوم الشرعية، أصدر الدكتور الخليل الواعر مؤلفا جديدا بعنوان “محاضرات في علوم الحديث” وهو تجميع منهجي لسلسلة من الدروس التي ألقاها خلال مساره الجامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، لفائدة طلبة الفصل الثاني من شعبة الدراسات الإسلامية.
الكتاب يأتي في سياق علمي واضح، ويقدم معالجة متزنة لأهم المحاور التي تتعلق بعلوم الحديث، مثل: سبب ورود الحديث، غريب الحديث، الناسخ والمنسوخ، مشكل الحديث، والحديث النبوي الشريف، وغيرها من المواضيع التي تشكل مفاتيح ضرورية لفهم النصوص النبوية واستيعاب دلالاتها.
وقد اختار الدكتور الواعر أن يفتتح كتابه بتوطئة تأصيلية دقيقة، جاء فيها أن الخطاب النبوي الشريف لا يمكن فصله عن سياقه وظروفه ومناسباته، حيث لا يصح الاجتزاء في الفهم أو استخراج الأحكام دون مراعاة تلك الملابسات. ويؤكد المؤلف أن الفهم السليم للحديث يمر عبر بوابة معرفة أسباب الورود، والظروف المحيطة، والسياق التاريخي والاجتماعي، والتمييز بين العام والخاص، والناسخ والمنسوخ، والمشكل والغريب، وكلها عناصر متداخلة تعين على تجنب سوء التأويل والانحراف في الفهم.
في هذا الإطار يحذر الكاتب من القراءات السطحية أو المجزأة للنص الحديثي، والتي غالبا ما تؤدي إلى إصدار أحكام قاصرة لا تعبر عن مقصود الشارع، وهو ما يجعل هذا الكتاب أداة نافعة للطلبة والباحثين الذين يرغبون في استيعاب منهجي لعلوم الحديث.
ويعد هذا الإصدار ثمرة من ثمار العطاء العلمي للدكتور الخليل الواعر، الذي يواصل جهوده الأكاديمية في مجال التأليف والتدريس، مساهما في تطوير البحث العلمي الشرعي، وتوفير مراجع مرجعية ميسرة بلغة أكاديمية رصينة.
“والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل” بهذه العبارة التي يذيل بها الدكتور الخليل مؤلفاته، ويفتح المجال أمام القراء لتأمل أعمق في مؤلفاته، والتعامل معها بعقلية علمية رصينة تتجاوز التقليد إلى الفهم الراشد.