هل تعيد مراسلة وزارة الداخلية رسم معالم التسيير المالي بالجماعات..؟
في خطوة إدارية غير معتادة، وجهت وزارة الداخلية مراسلة رسمية إلى الولاة والعمال بمختلف جهات وأقاليم المملكة، تدعوهم إلى اقتراح أسماء موظفين لشغل مهام “القباض الجماعيين” دون اشتراط الدرجة الإدارية أو السلم الوظيفي المعهود.
المراسلة التي تندرج ضمن تنزيل مقتضيات القانون 14.25 المعدل لقانون الجبايات المحلية، أثارت نقاشا واسعا في أوساط الموظفين والمهتمين بالشأن المحلي، إذ تطلب فقط معطيات بسيطة عن المرشحين (الاسم، السن، المستوى الدراسي، عدد سنوات الخبرة المالية)، دون الرجوع للمباريات الإدارية أو سلم التدرج المعمول به في التعيينات العمومية.
القرار الذي جاء لتدارك الخصاص الحاد في الأطر المؤهلة ماليا بالجماعات الترابية، ينتظر أن يسهم في تسريع وتيرة التحصيل الجبائي المحلي، وتوسيع دائرة تدخل القابض الجماعي لتشمل تحصيل النفقات أيضا، وهو ما يطرح علامات استفهام حول مدى استعداد الجماعات لاستيعاب هذا التغيير التنظيمي الكبير.
وإن كانت النية المعلنة هي مواجهة إشكالية المداخيل الضعيفة للجماعات الترابية، فإن الطريقة التي يتم بها اقتراح الأسماء، دون الرجوع إلى مبدأ المباراة أو التباري المهني، تثير تحفظات عديدة من حيث الكفاءة والمشروعية القانونية، خاصة في ظل طابع المسؤولية المهنية المرتبطة بهذا المنصب الحساس.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن هذا التوجه قد يكون مؤشرا على ضعف جاذبية المنصب لدى الأطر العليا، بسبب حجم المسؤوليات القانونية والإدارية الملقاة على القابض الجماعي، الأمر الذي يخشى أن يدفع في اتجاه تعيينات قائمة على السد الآني للخصاص بدل البحث عن الحلول المستدامة والكفاءات المتخصصة.
وقد تزامن هذا المستجد مع جولات ميدانية للوكيل القضائي للجماعات بعدد من الجهات، لتقييم ومواكبة سير المنازعات المرتبطة بتحصيل الجبايات، خصوصا بعد الرفع الأخير في أسعار الرسم على الأراضي غير المبنية.
وفي ظل هذه التحولات يطرح السؤال الجوهري.. كيف ستتفاعل الجماعات الترابية في المناطق الجنوبية ومنها السمارة مع هذا النموذج الجديد..؟ وهل سيسهم فعليا في تحسين الأداء المالي أم أنه مجرد حل ترقيعي مؤقت لملف بنيوي معقد؟
وإذا كانت النية هي تكريس فعالية التحصيل وتحقيق العدالة الجبائية، فإن الرهان الأكبر يبقى في ضمان التعيين على أساس الكفاءة، لا فقط على أساس الضرورة، حماية للمرفق العام، وصونا لحقوق المواطن والمستثمر المحلي على حد سواء.