حذرت نائبة وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بإنزكان، الأستاذة فاطمة الزهراء النحال، من تنامي ظاهرة العنف الرقمي الموجه ضد النساء والأطفال، مشيرة إلى أن هذا النوع من العنف بات يتخذ صورا متعددة، منها السب العلني عبر الصحافة أو الإنترنت، والتشهير، والابتزاز، والتحرش الإلكتروني، والتنمر، إلى جانب السب غير العلني الذي يدخل ضمن اختصاص قضاء القرب.تصريحات المسؤولة القضائية جاءت خلال اجتماع لخلية التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، المنعقد بحر هذا الأسبوع بالمحكمة الابتدائية بإنزكان، والذي خصص لمناقشة تفشي العنف الرقمي وآثاره المتفاقمة على الفئات الهشة.وأكدت النحال أن العنف الرقمي يتميز بتأثير نفسي عميق ومستمر على الضحايا، بالنظر لصعوبة تجاوزه أو محوه من الذاكرة الرقمية، حيث يمكن أن تمتد تبعاته زمنيا ونفسيا بفعل الانتشار السريع للمحتوى المُسيء، وصعوبة ضبط الفاعلين.وأضافت أن تطور هذا النوع من العنف يسير جنبا إلى جنب مع تطور الوسائل التكنولوجية، التي أضحت تتيح انتحال الهوية، وتتبع الضحايا، والتواصل مع معارفهم لأغراض انتقامية أو للابتزاز، مشددة على خطورة التهديد بنشر صور أو رسائل خاصة كأداة ضغط نفسي تمارس خارج القانون والأخلاق.وقد عرف اللقاء حضور عدد من الهيئات القضائية والجمعوية والحقوقية، وضباط الشرطة القضائية، وممثلي القطاعات الحكومية المعنية، حيث استعرض الحاضرون تجارب ميدانية ومعطيات مقلقة حول واقع العنف الرقمي، مؤكدين أنه بات يشكل تحديا حقيقيا يتطلب تضافر الجهود لمواجهته.وخلص الاجتماع إلى حزمة من التوصيات العملية أبرزها:تنظيم حملات تحسيسية مستمرة في المؤسسات التعليمية والمهنية، للتوعية بالعنف الرقمي وسبل الوقاية منه.إحداث مراكز إيواء متخصصة لاستقبال ضحايا العنف الرقمي، مع توفير موارد بشرية مؤهلة لمواكبة الضحايا نفسيا واجتماعيا.تعزيز التنسيق المؤسساتي بين مختلف الفاعلين المعنيين بمعالجة قضايا العنف، من لحظة التبليغ إلى غاية عرض الملف أمام القضاء.تعميم مراكز الإنصات داخل المؤسسات التعليمية، كآلية استباقية تروم كشف وتفادي حالات العنف في المراحل الأولى.وقد أجمع المتدخلون على أن محاربة هذا النوع المستجد من العنف تتطلب تأطيرا قانونيا أكثر صرامة، وتدخلا مجتمعيا متكاملا، بما يعزز الحماية القانونية للنساء والأطفال، ويحد من الإفلات من العقاب في الجرائم الإلكترونية ذات الطابع العنيف.

