في خطوة اعتبرها خبراء التربية منعطفا حاسما في مسار الجامعة المغربية، يطرح مشروع القانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي، والذي صادقت عليه الحكومة مؤخرا، إحداث مؤسسات للتعليم العالي الرقمي كأحد مكونات منظومة التعليم العالي.
هذه الصيغة الجديدة، وفق قراءات مختصين، مرشحة لأن تضع حداً نهائيا للجدل الذي يتكرر كل موسم جامعي حول تسجيل الحاصلين على البكالوريا القديمة في سلك الإجازة، وما يرافقه من رفض أو انتقاء مشروط بعدد المقاعد الشاغرة.
مع انطلاق التسجيل في الجامعات المغربية، يتجدد النقاش حول أحقية أصحاب البكالوريا التي مر عليها أكثر من موسم في متابعة دراستهم الجامعية. ويستند المدافعون عن حقهم إلى قرارات قضائية سابقة، أبرزها حكم المحكمة الإدارية بوجدة سنة 2013، الذي ألغى قرارا برفض تسجيل طالب بسبب تقادم شهادته، مؤكداً أن الدستور والقانون لا يحددان تاريخ صلاحية لشهادة البكالوريا.
الخبير التربوي خالد الصمدي، كاتب الدولة السابق المكلف بالتعليم العالي، أوضح أن التعليم العالي الرقمي يمكن أن يشكل الحل النهائي لهذا الإشكال المزمن، مستحضرا تجربة “الجامعة المغربية الافتراضية” التي تسمح بمتابعة الدروس عن بعد واجتياز الامتحانات حضوريا، بما يخفف ضغط الاكتظاظ ويوسع قاعدة المستفيدين. ويرى الصمدي أن فتح هذه المؤسسات الرقمية ابتداء من الموسم الجامعي المقبل سيمكن من استيعاب جميع الراغبين في متابعة دراستهم، دون تمييز بين حديثي التخرج وحاملي الشهادات القديمة.
من جهته، اعتبر الخبير التربوي والمفتش المركزي السابق جمال شفيق أن إنصاف الجميع لا يعني إغفال تحديات الاكتظاظ وصعوبة إعادة إدماج من انقطعوا طويلا عن مقاعد الدراسة. واقترح في هذا السياق تنظيم مباريات خاصة بين أصحاب البكالوريا القديمة على المقاعد الشاغرة، مع إعطاء الأولوية للحاصلين على شهادة الموسم الأخير، حفاظا على التوازن البيداغوجي وضمان تكافؤ الفرص.
يؤكد المتابعون أن هذه الخطوة الإصلاحية، إذا نفذت، ستعزز حق الولوج للتعليم الجامعي باعتباره استحقاقا دستوريا، وستضع حدا لسجال متكرر يرهق الطلبة والإدارات الجامعية معا. كما ستفتح الطريق أمام نموذج جديد من الجامعات المغربية، قوامه الرقمنة والانفتاح، بما يتيح استيعاب طموحات آلاف الشباب، ويواكب التحولات الرقمية التي يشهدها العالم.
بهذا التوجه يبدو أن التعليم العالي بالمغرب مقبل على مرحلة جديدة، تجعل من الجامعة الرقمية فضاء أرحب لاستقبال مختلف شرائح الطلبة، وتضمن أن تبقى شهادة البكالوريا، مهما تقادم تاريخها، بوابة مشرعة نحو المعرفة والتكوين المستمر.