أفادت مصادر مطلعة أن المديرية العامة للجماعات الترابية بوزارة الداخلية عممت، خلال الأيام الأخيرة، توجيهات صارمة على ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم من أجل تشديد الرقابة على مختلف الاتفاقيات التي تبرمها الجماعات الترابية، وكذا تلك المقرر عرضها ضمن جداول أعمال دورات أكتوبر المقبلة.
ويأتي هذا الإجراء بحسب المصادر نفسها، عقب رصد اختلالات خطيرة في صياغة عدد كبير من الاتفاقيات وفي تنفيذها، ما استدعى التدقيق في آلاف اتفاقيات الشراكة والتدبير المفوض التي شابت بعضها عيوب قانونية وغموض في التمويل والالتزامات.
وقد طالبت وزارة الداخلية بإعداد محاضر تقييم شاملة وتمكينها من نسخ كل اتفاقية تتجاوز قيمتها مليون درهم لعرضها على المصالح المركزية للدراسة والتجويد.
الأبحاث الميدانية التي أنجزت على المستوى الإقليمي كشفت، وفق نفس المصادر، عن إغراق بعض الجماعات الترابية في توقيع اتفاقيات متتالية، سواء خلال دورات عادية أو استثنائية، دون أن تدخل حيز التنفيذ.
ويرجع ذلك إلى قصور واضح في البنية القانونية، وعدم وضوح بنود الالتزامات والتمويل، وغياب آليات التتبع والتنفيذ، مما انعكس سلبا على المواطنين الذين ينتظرون ثمار هذه المشاريع.كما أبرزت التقارير وجود ممارسات عشوائية في الصياغة؛ إذ يتولى أحيانا منتخبون أو موظفون من درجات دنيا تحرير الاتفاقيات في سرية وبعيدا عن الأقسام القانونية والمحامين المتعاقدين، معتمدين في بعض الحالات على استنساخ اتفاقيات قديمة مع إدخال تغييرات طفيفة فقط، ودون تمييز دقيق بين أنواع التعاقدات، كاتفاقيات الشراكة أو التعاون أو التدبير المفوض.ولم تستبعد الأبحاث رصد حالات تضارب مصالح، من خلال اتفاقيات أبرمت بين بعض الجماعات الترابية وجمعيات أو فاعلين من القطاع الخاص، في خرق صريح لتوجيهات وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، الذي سبق أن دعا في مراسلة رسمية إلى تفعيل مسطرة العزل في حالات تضارب المصالح. وتستند هذه التوجيهات إلى مقتضيات المادة 65 من القانون التنظيمي 113.14، التي تمنع أي عضو من مجلس الجماعة من ربط مصالح خاصة مع الجماعة أو مع مؤسسات التعاون أو مجموعات الجماعات الترابية أو الشركات التابعة لها.
ويشار إلى أن الجماعات الترابية في مختلف جهات المملكة تبرم آلاف الاتفاقيات سنويا، لكنها تواجه في كثير من الأحيان صعوبات كبيرة في التنفيذ، سواء على مستوى الالتزامات التعاقدية أو التمويل أو آليات التتبع والتسليم، وهو ما جعل وزارة الداخلية تتحرك لتصحيح هذه الاختلالات وضمان شفافية ونجاعة أكبر في إدارة الشأن المحلي.