عامل إقليم السمارة يعلن انطلاق احتفالات الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء ويؤكد أن السمارة مقبلة على مرحلة تنموية بطابع دولي.

في أجواء وطنية مهيبة يملؤها الفخر والاعتزاز، افتتح السيد عامل إقليم السمارة الدكتور إبراهيم بوتوميلات، المهرجان الخطابي الرسمي الذي احتضنه المركز الثقافي الشيخ سيدي أحمد الركيبي مساء الخميس 16 أكتوبر 2025، إيذانا بانطلاق الاحتفالات الرسمية المخلدة للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة.
وبعد أن رحب بالحضور الكريم من سلطات مدنية وعسكرية، ومنتخبين وشيوخ وأعيان القبائل الصحراوية، وفعاليات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، عبر السيد العامل عن عظيم اعتزازه بمشاركة الجميع في هذه اللحظة الوطنية الخالدة، قائلا
“من عظيم الشرف أن نحيي اليوم ذكرى عزيزة على قلوبنا جميعا، الذكرى الخمسين للخطاب التاريخي للمغفور له جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، الذي وجهه إلى الأمة في 16 أكتوبر 1975 إيذانا بانطلاق ملحمة المسيرة الخضراء التي أعادت للوطن كرامته ووحدته.”
وأكد السيد العامل أن الاحتفال بالذكرى الخمسين لا تكمن رمزيته في الرقم ذاته، بل في ما يحمله من دلالات سياسية وتاريخية عميقة، باعتباره منعطفا حاسما في مسار الوحدة الترابية للمملكة، وانتقالا من مرحلة الدفاع عن السيادة الوطنية إلى مرحلة ترسيخ التنمية الشاملة والتكامل الترابي في الأقاليم الجنوبية.
وأضاف الدكتور بوتوميلات أن هذه المناسبة تشكل محطة انطلاقة لمرحلة جديدة من البناء، موضحا أن المرحلة الأولى من الاحتفالات، التي تمتد من 16 إلى 30 أكتوبر الجاري، ستكون تمهيدية تتخللها أنشطة فكرية وندوات ولقاءات علمية، في حين ستشهد المرحلة الثانية الممتدة من 31 أكتوبر إلى 6 نونبر انطلاقة برنامج احتفالي وتنموي استثنائي بطابع دولي سيتم الإعلان عن تفاصيله في حينه.
وشدد السيد العامل على أن تخليد هذه الذكرى لا يقتصر على البعد الاحتفالي فقط، لكن سيكون بطابع تنموي شامل يروم إطلاق مشاريع استراتيجية من شأنها أن تجعل من السمارة قطبا اقتصاديا وثقافيا واستراتيجيا فاعلا على المستوى الجهوي والإفريقي. وقال في هذا الصدد “هدفنا اليوم أن ننتقل بالسمارة من مدينة حدودية معزولة إلى مدينة عبور نحو الأفق الإفريقي، وأن نؤسس لمرحلة جديدة من الانفتاح على العمق الإفريقي للمغرب، انسجاما مع الرؤية الملكية السامية ومضامين المبادرة الملكية الأطلسية.”
وكشف السيد العامل أن الإقليم مقبل على الإعلان عن وثائق واتفاقيات استراتيجية هامة من شأنها الارتقاء بمكانة السمارة على الصعيدين الوطني والدولي، مشيرا إلى أهمية معبر أمكالة باعتباره بوابة نحو العمق الإفريقي، ومحركا اقتصاديا جديدا سيخرج المدينة من دائرة العزلة ويمنحها دينامية جديدة.
وأكد الدكتور بوتوميلات أن الركائز الأساسية لهذا التوجه التنموي تتمثل في الإرادة الملكية الصادقة، والمبادرة الأطلسية التي تستهدف التعاون جنوب-جنوب، فضلا عن المشترك الثقافي والروحي الذي يجمع المغرب بدول الجوار الإفريقي مثل موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد. وفي هذا السياق، شدد على ضرورة إحياء الدور التاريخي لزاوية الشيخ سيدي أحمد الركيبي باعتبارها منارة روحية وعلمية لها امتداد عابر للحدود، داعيا إلى جعلها قطبا سياحيا وثقافيا يليق بمكانتها في الذاكرة الجماعية الصحراوية والمغربية.
وفي حديثه عن الهوية الثقافية للسمارة، ذكر السيد العامل بالدور الريادي الذي كانت تضطلع به المدينة عبر التاريخ، باعتبارها أقدم الحواضر الصحراوية و”حاضرة العلم والمعرفة” التي تربط بين الشمال والجنوب، مشددا على ضرورة استعادة هذا البعد الحضاري والروحي عبر الاستثمار في الطاقات المحلية والكفاءات الفكرية. وقال موجها كلامه للمثقفين والأكاديميين: “على مثقفي السمارة أن يكتبوا تاريخهم بأيديهم، وأن يبادروا في صياغة المشروع الفكري والثقافي للإقليم، فالمدينة تزخر بعقول نيرة وكفاءات علمية، وآن الأوان لتتحول هذه الطاقات إلى فاعل أساسي في التنمية.”
واعتبر السيد العامل أن العنصر البشري هو الركيزة الأساس لأي نهضة حقيقية، داعيا إلى تمكين الشباب من فرص المساهمة في المشروع التنموي وتحفيز روح المبادرة لديهم باعتبارهم محرك المستقبل.
وفي ختام كلمته دعا السيد العامل إلى الانخراط الجماعي في المشروع المجتمعي “نحبك السمارة – We Love Smara”، الذي يحمل رسالة رمزية عنوانها الانتماء والمواطنة الفاعلة، مشددا على أن حب السمارة يجب أن يترجم إلى سلوك إيجابي ومبادرات ملموسة من طرف الساكنة، والمؤسسات، والمجتمع المدني، وكل القوى الحية بالإقليم، من أجل المساهمة في إشعاع المدينة ورفعتها.
“نحب السمارة… ليست شعارا عاطفيا..! فهو التزام وسلوك ومسؤولية مشتركة تعبير عن انتماء صادق لهذه المدينة العريقة التي تستحق منا جميعا أن نحبها بالفعل لا بالقول.”
بهذه الرؤية المتبصرة والكلمة الجامعة، رسم عامل إقليم السمارة الدكتور إبراهيم بوتوميلات معالم مرحلة جديدة في مسار التنمية بالإقليم، عنوانها الوحدة والإرادة والانفتاح. مرحلة تستمد قوتها من العمق الوطني للمسيرة الخضراء، ومن الإرادة الملكية السامية التي جعلت من الأقاليم الجنوبية نموذجا للتنمية المندمجة. السمارة اليوم تقف شامخة، وفية لرسالة الوطن، ماضية بثبات نحو المستقبل، مدينة العبور الإفريقي وقلعة الوحدة والوفاء.