
سبع سنوات مرت منذ تقدم المغرب بطلب رسمي للانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، وسط تعقيدات اقتصادية وسياسية وجيو-استراتيجية تشهدها المنطقة. وبينما لا يزال الطلب المغربي دون رد نهائي، اتجهت الرباط مؤخرا إلى طرح رؤية إقليمية بديلة عنوانها “التكتل الأطلسي”، في سياق قراءة جديدة للتحولات المتسارعة التي يشهدها الساحل الإفريقي.
منذ بداية 2024، تواجه “إيكواس” أخطر أزماتها، بعد إعلان كل من بوركينافاسو ومالي والنيجر انسحابها الفوري من المنظمة، على خلفية العقوبات الصارمة التي فرضت عليها عقب الانقلابات العسكرية، والتي لم تحقق النتائج المرجوة. وقد دفع هذا الوضع قادة التكتل إلى مراجعة نهجهم، تمهيدا لتقارب جديد مع الدول المنسحبة.
بموازاة ذلك تعرف السنغال، أحد أبرز الأعضاء داخل “إيكواس”، أزمة سياسية متفاقمة تهدد الاستقرار، وتعمق حالة الانقسام داخل التكتل الذي يواجه تحديات داخلية متنامية، ما يزيد من تعقيد مسار الإصلاح والتكامل الإقليمي.
في هذا السياق، تواصل المملكة المغربية مراقبة تطورات المشهد عن كثب. فبالرغم من غياب رد رسمي على طلب الانضمام، لم تبد الرباط أي إشارة إلى التراجع عن هذا الهدف، فيما تتحرك في اتجاه بناء شراكات بديلة عبر مبادرة استراتيجية أوسع تتمحور حول خلق تكتل إقليمي جديد في منطقة الأطلسي.
ويستند هذا المشروع، وفق الرؤية المغربية، إلى تحقيق التنمية المستدامة لدول الساحل، وتعزيز التعاون جنوب-جنوب، بدل التركيز على المنافسة مع التكتلات القائمة. إذ تسعى الرباط إلى مد جسور التعاون الاقتصادي والتنموي مع الدول الإفريقية ذات الإطلالة الأطلسية، مستفيدة من موقعها الجيو-استراتيجي ومكانتها القارية.
ويؤكد متابعون للشأن الإقليمي أن المبادرة الأطلسية لا تهدف إلى تقويض دور “إيكواس”، بل تأتي كخيار إضافي في ظل تحولات إقليمية غير مسبوقة، وتعثر واضح في مسار التكامل بين دول غرب إفريقيا. ويرى هؤلاء أن المغرب، رغم طول الانتظار، ما زال يتمسك بخيار الانضمام لـ”إيكواس” حين تتهيأ الظروف السياسية والتنظيمية المناسبة، دون أن يفرط في فرص تعزيز موقعه الإقليمي عبر شراكات جديدة.
في ظل هذه المستجدات، يبقى مستقبل العلاقات المغربية مع “إيكواس” رهينا بمدى قدرة هذا التكتل على استعادة تماسكه الداخلي وإعادة هيكلة آلياته، فيما يواصل المغرب توسيع دوائر نفوذه الاقتصادي والسياسي في غرب ووسط إفريقيا، بخطى محسوبة وواقعية.