مسارات.. نافذة جديدة اخترناها في ” صوت السمارة” لتكون فرصة لمتابعينا الأوفياء للتعرف على طاقات السمارة، التي شقت طريقها بثبات وعصامية، رغم الصعاب و الإكراهات في سبيل تحقيق أحلامها وكان لها ذلك.
مسارات.. نبشٌ في الذاكرة وغوصٌ في عوالمَ آخرين، وتنقيبٌ عمّن تستحق تجربتهم الشخصية أن تكون لنا مثالا ومنارة وبوصلة..
يسعدنا أن يكون ثاني مسار عصامي نُغني به هذه النافذة، هو مسار فريد لمثقف من الطراز الرفيع وكاريزما يجمع له أهل السمارة بذلك منذ نعومة أظافره….
فمن يكون يا ترى..!!
————————
نتشرف في هذه الإطلالة الثانية أن نسعد بالتعريف بشخصية متميزة و مكافحة، شقت مسارها المتفرد بداية بأحياء السمارة وصولا إلى دوائر الأمم المتحدة…!!
ضيفنا اليوم هو صاحب الشخصية ” الكاريزما ” الذي يحلو لرفاقه مناداته ب” الروبيو..” إنه المثقف البارز :
” محمد لمين الذهبي “
رأى الطفل محمد لمين النور بتاريخ الثاني من ماي سنة 1978 بمدينة العيون، ثلاث سنوات بعد ذلك انتقل رفقة العائلة للعيش بمدينة السمارة، حيث كان الاستقرار بادئ الأمر بالمخيم المحاذي لمدرسة الجديدة آنذاك والذي كان يعرف باسم ” الفيلا” la fila، وعاش طفولته كما أترابه بكافة تفاصيلها، بلعبها وطيشها ورحلاتها، بأحياء الطانطان وعبودة والسكنى والتعمير وأخيرا بالحي الحسني.
مسار تعليمي حافل:
الابتدائية: بداية التميز…
كان الحدث حينها نهاية الموسم الدراسي 1988/1989 بمدرسة الجديدة، وكان التلاميذ في انتظار تعليق ” الطابلو “، الذي سيحدد ” طبشوره ” من سينتقل إلى الإعدادية ومن سيعيد السنة، ولم تكن مفاجأة أن يكون التلميذ ” الذهبي ” على رأس الطابلو، يعني الأول في دفعته كاملة ما شاء الله نظرا لما تميز به طيلة دراسته الابتدائية من مثابرة واجتهاد ضمن بها المراتب الأولى.
ومن طرائف هذه المرحلة أن وقع عليه الاختيار – وكان عمره حينها سبع سنوات – لتقديم حفل التميز الذي حضره عامل الاقليم آنذاك وشخصيات رفيعة، وحين تم منحه ” الميكروفون ” أصيب بالدهشة والحيرة ولم يدري كيف سيتعامل مع هذا الجهاز الغريب وطريقة استخدامه، فما كان منه سوى إدخاله في فمه بالكامل، قبل أن يتدخل أحد الأساتذة و يُرشده إلى الاستعمال الصحيح وسط ضحك وتصفيق الجمهور.
الإعدادية: النهل من المعرفة…
ضيفنا درس هذه المرحلة بإعدادية المسيرة وكانت شاهدة على انفتاح التلميذ محمد لمين على عالم القراءة والنهل من معين الكتب، حيث جعل من الخزانة التابعة للمركز الثقافي مسكنه الثاني، وهي التي قلما كانت تعرف زوارا في تلك الحقبة، وهو ما أوجد لضيفنا ظروفا صحية للغوص في أمهات الكتب في كافة المجالات، مكنه ذلك من فرصة التزود المعرفي والموسوعي مما ساعده بعد ذلك في كل محطات مساراته العلمية والمهنية.
و تمكن من النجاح بتفوق في كافة السنوات الإعدادية وختمها بتحصيل الشهادة موسم 1992/1993.
الثانوية: عشق الانجليزية…
انتقل ضيفنا لثانوية الأمير مولاي رشيد بنفس الزخم والحماس، فوجد نفسه مسلحا بنبوغ في المواد العلمية والأدبية كذلك، فحار في مسألة اختيار الشعبة، لكن حبه للغة الإنجليزية عجل بحسم اختيار شعبة الآداب العصرية، التي تفوق في كافة موادها مع تميز عجيب في مادة اللغة الانجليزية التي ملك ناصيتها منذ السنة الأولى ثانوي، وأصبح أستاذا للمادة بمدرسة خاصة كانت في ملكية المرحوم الصالح ولد لبشير الجنحاوي والأخ محمود لحمادي بحي الطنطان سنة 1994.
ضيفنا واصل تفوقه بهذه المرحلة وتوج مساره بنيل شهادة البكالوريا موسم 1995/1996.
ضيفنا عاد مجددا للدراسة الثانوية وحصل على شهادة أخرى للبكالوريا احرار هذه المرة سنة 2000
الجامعة : واحد من رجال المرحلة وصناعها…
بعد الثانوية، انتقل ضيفنا إلى مدينة مراكش حيث درس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة القاضي عياض وحصل على شهادة الإجازة سنة 2004 في شعبة الادب الإنجليزي تخصص علم اللسانيات، وطيلة المرحلة كان الطالب محمد لمين واحد من القادة المؤثرين وأهل الحل والعقد ونجح في خلق أجواء ثقافية وتضامنية بين الطلبة الصحراويين توجها بإحداث مجلة ورقية تواصلية جامعية تحت إسم ” التواصل ” نالت من الشهرة الشيء الكثير وتخطت حدود موقع مراكش.
ضيفنا واصل تكوينه الجامعي كذلك في شعبة الحقوق بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية.
سنة 2018 نال دبلوم الدراسات العربية بمعهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة، تخصص قسم البحوث والدراسات الاقتصادية عام بتقدير “جيد”.
مسار مهني شامل:
دشن ضيفنا مساره المهني منذ السنة الأولى ثانوي حين عمل على تدريس اللغة الإنجليزية للمبتدئين بمدرسة خاصة بحي الطنطان سنة 1994.
مدير مدرسة النور الخاصة من سنة 1998 إلى 2001 بالسمارة
مدير تربوي و مسير لمؤسسة ” بيجي ” الخاصة من سنة 2001 إلى 2003.
مدير مؤسس ومسير لمركز السمارة سلوان لتعليم اللغات وتقنيات التواصل.
أول من درس اللغة الإنجليزية باستخدام تقنيات ” السمعي البصري ” الحديثة بمركز السمارة سلوان للغات.
أستاذ متعاقد مع معهد التكنولوجيا التطبيقية بالسمارة سنتي 2005 و2006
أستاذ اللغة الإنجليزية بالعديد من المدارس الخاصة بمدينة العيون.
مستخدم بالبنك المغربي للتجارة الخارجية بالسمارة سنة 1999 وسنة 2003.
مدير مسير لشركة ستيام بالسمارة من سنة 2004 إلى 2008 وهي فترة نجح فيها في تجديد الإدارة وضبط الملفات وتنظيمها وكذا استرداد سمعة المؤسسة وثقة زبنائها. كما شارك في العديد من الدورات التكوينية التي نظمتها الشركة الأم بكل من مدن الدار البيضاء ومراكش وفاس وساهم في تحديث أنظمتها المحاسباتية و أشرف مع أطر آخرين في التحضير للعديد من التظاهرات وتسييرها.
أبريل من سنة 2008 التحق بشركة جروب 4 ( G4S Integrated Services) لمدة ستة أشهر، ثم شارك في مباراة لشغور وظيفة بمكتب الأمم المتحدة بالعيون (MINURSO ) والتي اجتازها بنجاح ليتم تعيينه بموجبها مساعدا محاسبا ماليا بهذه البعثة بالعيون.
سنة 2012 إبان البدايات الأولى للحرب في ليبيا، انتقل إلى هناك لتقديم الدعم والمساندة لمكتب الأمم المتحدة حديث المنشأ بليبيا، ومنها انتقل الى إيطاليا لإتمام نفس المهمة الخاصة بليبيا وكان ذلك أول رمضان له بالخارج.
سنة 2015 وتزامنا مع الأزمة الوبائية التي عصفت بإفريقيا وانتشرت فيها الايبولا، كانت الأمم المتحدة قد استحدثت نظاما محاسباتيا جديدا عممته على كل مكاتبها في العالم، ووقع الاختيار على ضيفنا ليحط الرحال في وسط ” الايبولا ” بدولة ليبيريا ليشرف شخصيا على تدريب بعض الزملاء و يحل بعض المشاكل المرتبطة بالنظام الجديد.
بعد نجاحه في مهمته بالغرب الإفريقي وعودته لمدينة العيون ترشح لمنصب محاسب رئيسي بقسم المالية والميزانية ببعثة الأمم المتحدة وظفر به عن جدارة و استحقاق ليمكنه من إدارة و تسيير قسم الرواتب و المستحقات بالإضافة الى الانفتاح على جميع الفاعلين الأساسين داخل البعثة و خارجها.
سنة 2016 وفي إطار تحديث جديد للأنظمة المالية بالمنظمة و كذا مركزة بعض خدماتها في مراكز مثل عين تيب و الكويت و بانكوك تمت المناداة عليه ليساهم في هذا العمل الكبير في دولة اوغندا و هي المهمة التي اتممها بنجاح في شهر يونيو 2017، ليعود ثانية الى العيون و يباشر عمله محملا بكم هائل من المعرفة و الخبرة المكتسبة التي شاركها مع الزملاء كل حسب اختصاصه. في انتظار مهمة جديدة وتحدي آخر لا ندري في أي بقعة من الكرة الأرضية سيكون.
تكوينات وتداريب بالجُملة:
استفاد ضيفنا من العشرات من البرامج التكوينية والتدريبية التي قارب عددها حوالي المائتي تدريب. منها ما هو ذاتي الحضور ومنها ما هو عن بعد بواسطة الانترنت. وقد همت هذه التكوينات مجالات مختلفة إلا أن أغلبها كان في مجال تخصصه ” المالية والميزانية ” وكذا في مبادئ الأمم المتحدة وقيمها الكونية.
ونذكر على سبيل المثال لا الحصر:
مبادئ الأخلاق والنزاهة في الأمم المتحدة
فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز في برنامج توجيه العمل
الوعي بأمن المعلومات
مقدمة لحفظ السلام
منع المضايقة الجنسية في مكان العمل التحرش الجنسي وإساءة استخدام السلطة في مكان العمل
تدريب خبراء العملية المحلية في أكاديمية ” أوموجا ” في إدارة الأموال والتكاليف
مسؤوليات الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان
التدريب على تقديم الخدمات وإدارة الممتلكات
تدريب المدربين على صياغة الميزانية وفق برنامج أوموجا الخاص بالأمم المتحدة،
مهارات الاتصالات الفعال اثناء الأزمات
منع الاحتيال والفساد في الأمم المتحدة
الميدان الجمعوي: قيدوم مؤسس….
ضيفنا يعتبر علاوة على كل ما سبق ما شاء الله، واحد من الرعيل المؤسس للفعل المدني الهادف بالسمارة، حيث أشرف رفقة كوكبة من خيرة أبناء السمارة على ولادة ” أم الجمعيات ” السمارة سلوان للثقافة والتنمية سنة 2005، التي تعتبر منعطفا ولحظة فارقة في هذا المجال الذي تم تمييعه حينها بالبعض من أشباه الفاعلين وأشباه الجمعيات التي كانت تتصدر زورا المشهد.
الذهبي قاد ” أم الجمعيات ” من مختلف المواقع القيادية ونجح رفقة زملاءه في التأسيس للبنة العمل الجمعوي الحقيقي، المستقل والهادف، ولا زال إلى حدود الساعة واحدا من حكمائها وسفرائها، حيث كان لها شرف الحضور الدولي من خلال مشاركته شخصيا في العديد من الأنشطة ذات البعد الثقافي والتنموي بعاصمة دولة ليبيريا رفقة بعض الزملاء والأصدقاء المتطوعين في هذا المجال.
الذهبي الإجتماعي بطبعه:
يشهد له الجميع في كل مراحل حياته بتميزه بطبعه الاجتماعي وشبكة العلاقات الواسعة المبنية على الأخلاق الرفيعة مغلفة بقمة التواضع واللباقة، ضيفنا معروف بملازمته ومرافقته للشيوخ والكهول واعطائه الوقت الكافي لهم وعيا منه بأهميتهم ومحوريتهم في المجتمع ومحاولة كذلك للاستفادة قدر المستطاع من معينهم ومراكمتهم لتجارب لا يمكن تدريسها في المدارس والجامعات وهو ما أكسبه حكمة و رجاحة عقل جعلته من أهل الحل والعقد أين ما ارتحل رغم صغر سنه بالمقارنة.
خلاصة القول: ضيفنا محمد لمين واحد من أشهر أبناء هذه الأرض الطيبة العصاميين، الذي انطلق من الصفر وكافح بحق ونجح في شق مساره بالمثابرة والعزيمة والإصرار ليتبوأ أعلى المراتب والمراكز بأهم منظمة دولية لن يصل إلى دوائرها بالتأكيد إلا من اجتهد وآمن بقدراته وتحدى كل الصعاب…
ألف تحية وتحية من “صوت السمارة” ومتابعيه وكافة ساكنة السمارة، لهذه الكاريزما الفريدة التي يحتذى بها في الإيمان بالقدرات والثقة بالنفس لتحقيق الأهداف والأحلام….
أنتم الصوت… ونحن الصدى
