إعلامي بالفطرة…. وقائد كذلك…

Share this post with friends!

مسارات.. نافذة جديدة اخترناها في ” صوت السمارة” لتكون فرصة لمتابعينا الأوفياء للتعرف على طاقة من طاقات السمارة، شقت طريقها بثبات وعصامية، رغم الصعاب و الإكراهات في سبيل تحقيق أحلامها وكان لها ذلك.

مسارات.. نبشٌ في الذاكرة وغوصٌ في عوالمَ آخرين، وتنقيبٌ عمّن تستحق تجربتهم الشخصية أن تكون لنا مثالا ومنارة وبوصلة..

يسعدنا أن يكون أول مسار عصامي نُدشن به هذه النافذة، هو مسار فريد لرجل فريد في زمن فريد..رجلٌ وضع نصب عينيه منذ الصغر هدفا كبيرا، هو اعتلاء أرفع المنابر الإعلامية، وفعلا، اعتلاها بجدارة واستحقاق.. فمن يكون..؟؟

نتشرف في هذه الإطلالة الأولى أن نسعد بالتعريف بقامة إعلامية دولية، كانت بدايته من الإذاعة المدرسية بالسمارة، ليصل إلى قناة الجزيرة في قطر..!!

إنه الإعلامي الكبير “سعيد زعواطي”…

🎓.🎓.🎓

رأى النور ذات يوم من سنة 1974، وعاش طفولته بحي “لَبْلانات” سابقا (الحي الحسني فيما بعد) بالسمارة بكافة تفاصيلها رفقة أترابه، بلعبها وطيشها ورحلاتها..

📚 مسار تعليمي ناجح:

👨‍🏫 الابتدائية: الولادة الثانية…

كانت المدرسة الابتدائية “الحسن الأول” هي الحاضنة الأولى لسعيد الصغير، لطموحاته الكبيرة، واللبنة الأولى لمساره الطويل. فما لبث أن لفت إليه الأنظار من خلال ولعه الشديد بالأنشطة الثقافية، واختياره من قبل مدرسيه وإدارة مدرسته، كممثل رئيسي للمؤسسة في مختلف الأنشطة والمناسبات..

سعيد ورغم حداثة وصغر سنه حينها، إلا أن ذلك لم يمنعه من اعتلاء المنصة، مرات عدة، بجرأة غير معهودة كمقدم ومنشط للحفلات المدرسية.. ولعلها كانت ولادة مبكرة لإعلامي صغير سيكبُر مع الوقت.

هذا التميز الإعلامي المبكر لضيفنا، كان يمضي بالتوازي مع تفوق دراسي، مكنه من احتلال المراتب الأولى على صعيد النتائج المدرسية. تميّز يعود بعد الله سبحانه وتعالى، لوالديه ومحيطه العائلي أولا، ولمعلّمين أجلاء، من طينة المرحوميْن عبد الكبير الشتيوي وأحمد ببجديگن.. ناهيك عن محمد البيضى ولحسن بوراس أطال الله عمرهما..

🎭 الإعدادية: ولادة المسرحي…

تلقى ضيفنا تعليمه الإعدادي كاملا بإعدادية المسيرة الخضراء، حين كانت تحت إدارة الإطار “علي بوفوس”. وكانت الدراسة فيها مشتركة مع شطرٍ من الابتدائي خُصِّص له جزءٌ من البناية آنذاك لسنة أواثنتين على الأقل. عُرِفت تلك المرحلة بأسماء أساتذة لامعين، أشهرُهم كان أستاذ الفرنسية “محمد بلفقير”، نظرا لصرامته في التدريس. كما اشتهرت المؤسسة أيامها بأستاذ الرياضيات “محمد لمعشة” الذي كان يزخرف الإعدادية بلافتات الخط العربي. وهو من يرجع له الفضل في زرع بذرة النشاط المسرحي في ضيفنا. فكانت لا تخلو مناسبة مدرسية من مشاركته بعرض مسرحي ما، وهي على العموم موهبة عمل على تطويرها بانخراطه المبكر في أنشطة دار الشباب بالمدينة.

في هذه المرحلة كذلك، ثمة رجل غير عادي، أثّر في ضيفنا كثيرا. وهو الأب المربي “مسعود” الذي جعل من أبناء السمارة جميعا أبناءه، وكان يجمعهم ويوزعهم على شكل فرق وينظم على شرفهم بطولات في كرة القدم، بإمكانيات محدودة جدا.

🔟 الثانوية: مرحلة النضج..

تابع ضيفنا العزيز دراسته بالسنة الأولى بثانوية الأمير مولاي رشيد حين كانت بمقرها القديم. وفي السنة الثانية حين انتقلت لمقرها الحالي، إلى حين حصل على شهادة الباكالوريا في شعبة الآداب العصرية موسم 92/93.

في هذه المرحلة، كسابقاتها، كان هناك ألق خاص لضيفنا وموعد آخر مع التميز. فقد كانت هناك دفعة رائعة من الزملاء والأساتذة، ساعدت على خلق أجواء من المنافسة والإبداع والإنتاج المعرفي والفني. لكن ثمة أستاذا مُعَيَّنا أثر بشكل كبير في سعيد وبقية زملائه. ويتعلق الأمر بأستاذ اللغة الانجليزية “هشام الفاطمي”، الذي نجح بشكل كبير في تحبيبهم في اللغة الإنجليزية التي درّسها لهم بكثير من الحب والود وروح النكتة والدعابة. وحتى بعد أن غادر سعيد أسوار الثانوية إلى رحاب الجامعة الأوسع، ظل على تواصل بهذا الأستاذ المؤثر للغاية، كل ما حلّ بالسمارة أثناء العطل الجامعية، قبل أن تنقطع أخبارُه بانتقاله من المدينة. ومن حينها وسعيد في بحث دائم عن مرشده ومؤطرِه وموجهِه الرسمي إلى حدود الساعة.

يَذكُر سعيد أن آخر لقاء جمعه هو وزميلُه “محمد الشيخ لهداد ” بصديقهم الكبير وملهمهم الأستاذ الفاطمي، كان قرب وكالة السفر بمحاذاة مختبر الصور الشهير “الشرف”، حين كان يهم هو بالسفر، حيث بادرهم بطلب لا يخلو من حس فكاهي:

“Could we take a photo? Even if I’m not elegant enough to do so”

الترجمة : ” هل لنا أن نأخذ صورة رغم أنني لستُ بالأناقة الكافية لتكون صورة جيدة ” .

🎪 الكشفية: مرحلة الصقل..

منذ نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي، بدأ سعيد في تلقي تكوين شبابي وكشفي من خلال الانخراط بدار الشباب في سن مبكرة أثناء وجود دار الشباب بالمبنى القديم (براريك اسبانيا) قرب المركز الثقافي تحت إدارة السيد “العربي لبيهي” آنذاك. كما تدرّج حينها في التكوين الكشفي بين محطات السمارة والعيون، قبل تلقي تكوينات الشارة الخشبية بجامعة الكشفية بمخيمات غابة المعمورة، ليتوجها بالحصول على دبلوم “قائد إعلام دولي” عام 2004.

🎓 الجامعة: القيادة..

بعد حصوله على شهادة الباكالوريا استقر به الحال بمدينة مراكش حيث استكمل تكوينه الجامعي بجامعة القاضي عياض بشعبة الأدب الإنجليزي التي نال شهادة الإجازة منها عام 2000.

وبالجامعة أيضا، بزغ نجم ضيفنا كقيادي طلابي متمرس، حيث انتُخِب عضوا باللجنة الممثلة للطلبة الصحراويين عام 1998، وأشرف بحنكة على تنظيم تظاهرات ثقافية ونضالية عدة. وقد تميز بأسلوبه المميز في الخطابة وتوجيه الرأي العام الطلابي، وبقدرته الهائلة على التأثير وإدارة الأزمات، وتبريد الأجواء، وامتصاص غضب الجميع، لدرجة أن تمت تسميته آنذاك بالأسبرين (Aspirin) أي المُهدّئ، ما شاء الله.

في الجامعة كذلك، تجدد هوسُه الإعلامي أثناء الرحلات والأنشطة الطلابية التي كان كل مرة يحولها إلى برامج إذاعية أو تلفزيونية، ولا زالت هناك أشرطة مسجلة شاهدة على بداية تبلور ذلك الهوس الإعلامي، أثناء رحلات كان ينظمها برفقة زملائه إلى مناطق أوكايمدن وشلالات أوزود ومدن الشمال وغيرها.

🎙 مسار مهني حافل:

📻 راديو العيون: المحطة الأولى..

بعد حصوله على الإجازة، عانى الأمرّيْن لإقناع مسؤولي راديو العيون آنذاك بإفساح المجال له لإبراز مؤهلاته، وهو الشيء الذي تحقق له بفضل إصراره الكبير أولا، وبفضل رجل لا يزال يذكره بكثير من التقدير والامتنان، وهو المذيع المخضرم “أحمد الهيبة وياه” الذي وضع ثقته فيه ودافع عن مكانته داخل الإذاعة. وهكذا انطلق سعيد بأول إنتاجاته الإذاعية، من خلال تقديم برنامج طلابي “منبر الطالب” يناقش فيه الطلبة المتخرجين أو الذين يتابعون دراستهم في مواضيع بحوثهم الجامعية.

وخلال الصيف كان يشرف على إنتاج وتقديم برنامج “ليالٍ صيفية”.. لغة عربية سليمة وانفتاح على لغات العالم، جعل ضيفنا يطّلع على جديد تقنيات العالم الإذاعية، كل ذلك أهّلَه لانتزاع شرف تنشيط فقرات الإذاعة كل ليلة أحد/اثنين،على الأمواج الدولية عن جدارة. ثلاث سنوات مرت بهذه المحطة الإذاعية بدون راتب شهري، إلا من تعويض نصف سنوي لا يتجاوز 5 آلاف درهم.

👨‍🔬 التعيين بمكتب التعاون الدولي بوزارة الصحة سنة 2003.

عام 2003، اضطر سعيد زعواطي، لمغادرة ركبه الإعلامي، بسبب عدم وجود فرصة توظيف بالإذاعة أولا، ثم إن بارقة أملٍ لاحت في الأفق آنذاك لضمان مستقبله كشاب عاطل يبحث عن فرصة عمل. فتم توظيفه بوزارة الصحة، ونظرا لمؤهلاته اللغوية، فقد تم تعيينه إطارا بديوان وزارة الصحة في الرباط، مكلفا بالتعاون الدولي.

📺 القناة الأولى: إعادة الاعتبار…

بمدينة الرباط، تجدد الشغف الإعلامي لضيفنا، فكان يتوجه كل يوم بعد نهاية دوامه الرسمي بوزارة الصحة نهارا، ليُواصل العمل ليلا مع فريق التحرير بدار البريهي، ويشارك في إعداد نشرة الأخبار الليلية الأخيرة بالقناة الأولى..

هذا الشاب الذي يعمل بجد ونشاط، ودون كلل أو ملل، أثار اهتمام مدير أخبار القناة الأولى آنذاك “علي بوزردة “، فكثّف اتصالاته بوزير الصحة آنذاك محمد الشيخ بيد الله، ولم يهدأ له بال إلا وقد عمل على استقطابه من وزارة الصحة وإلحاقه بالقناة.

🎥 قناة العيون: الريادة..

بُعيد انطلاقتها نهاية 2004 وبداية 2005 عمدت إدارة قناة العيون الجهوية إلى التواصل مع ضيفنا، واقتراح انتقاله للعمل بها صحفيا. وهو ما كان بالفعل، حيث قضى بها سنتين مذيعا للأخبار ومنشطا لبرامج سياسية واجتماعية عدة، كان أبرزها برنامج “مع الناس” و”ملفات” و”فسحة نقاش”…

سنة 2007، ونظير ما أبداه من كفاءة عالية، تم تعيينه مديرا للأخبار ورئيسا للتحرير بعد رحلة مهنية كانت قمةً في النجاح، خُصصت لتغطية الانتخابات الرئاسية بموريتانيا.

👑 قناة الجزيرة الإخبارية: وتحقق الحلم…

تألق سعيد ولمع نجمه في سماء الإعلام بالمنطقة، لكن نظرته كانت أبعد. لتحل سنة 2013، التي تُعد سنة فارقة في حياة ضيفنا العزيز سعيد، حيث كانت سنة الالتحاق رسميا بقناة الجزيرة كصحفي، وسرعان ما فرض مكانته داخلها ليُعيَّن بعد فترة قصيرة منتجا للنشرات والأخبار بمقرها بدوحة قطر. أحب المقام بالعاصمة القطرية، وارتاح للمناخ الذيلا يختلف كثيرا عن مناخ مدينته السمارة. ويحظى هناك باحترام وتقدير كبيرين بين عمالقة الإعلام، كفيصل القاسم ومحمد كريشان وغيرهم.

سعيد زعواطي يبقى ابن السمارة البار وفخرَها، ويظل مثالا حيا على السمارة الولّادة، ويظل مساره العصامي الشاق منارة لكل الشباب، وبرهانا قاطعا على أنّ من له إرادة وتصميم، سيحقق كل أهدافه وأحلامه، إن هو عض عليها بالنواجذ..

سعيد كان يدرك لوحده، أنه حين اعتلى منصة التقديم بداية الثمانينات بمدرسته الابتدائية “الحسن الأول” سيعيد الكرة مرات ومرات بمنابر ومنصات أخرى تتسع لأحلامه الكبيرة…

ألف تحية وتحية من “صوت السمارة” ومتابعيه وكافة ساكنة السمارة، لهذا النموذج الذي يحتذى به في قوة العزيمة والإصرار العجيب على تحقيق الآمال وكسب الرهانات والتحديات..

🎙أنتم الصوت ونحن الصدى 🎙

0 thoughts