
في اتساع الصحراء وسكونها، تنبض الأرض بحكايات الزمن والمكان، وتحتضن تضاريسها الشاسعة أسرارا موغلة في القدم، تروى بأسماء ظلت حية في الذاكرة الجماعية، تتكرر وتتشابه لكن لكل اسم حكاية ولكل موقع خصوصيته.
تتميز صحراؤنا بتنوع لافت في تضاريسها من أودية وشعاب وجبال وفيافي مترامية، وتزخر هذه الرقعة الواسعة بعدد كبير من التسميات الجغرافية التي كثيرا ما تتكرر في مناطق متباعدة من الوطن، بشكل يثير الفضول ويدعو إلى التأمل في أسباب هذا التكرار بين الطبيعة والتاريخ.
فمن الأسماء اللافتة التي تتكرر “السكن” حيث نجدها حاضرة في منطقتين مختلفتين: السكن فالقعدة، و السكن فزمور. كما تتعدد أودية “تيشط” منها: تيشط فالظلوع، تيشط فتدايغت و تيشط فلحمادة. هذا التكرار لا يتوقف هنا، بل يشمل أيضا “لرماث” ، الذي نجده شرق الجديرية وغرب السمارة.
أما “تنوشاد” ، فهي تسمية أخرى تتكرر بدلالات مختلفة، الأولى على سبخة تستقبل أودية لحمادة مثل “الخملة” و “أم رجيم” وغيرها، والثانية على واد بمنطقة “ݣلتة زمور” يصب في “الفيظة” “من تل عند لبيار”، وتنتشر روافده بالقرب من أݣويليلات.

ويستمر التماثل في أسماء أخرى مثل” فدرة الجداري”، التي نجدها مرة في “واد وين سلوان”، ومرة أخرى في “واد عنگة” . كما نجد اختلافا طفيفا في الكتابة لا يحجب التشابه الكبير، كما في” بوكراع” المعروفة بمناجم الفوسفاط، و” واد لكراع” جنوب مدينة بوجدور.
من الأودية المتكررة أيضا “واد الصفا” ، حيث نجد واحدا يصب في “واد ميران” وآخر يتجه نحو ” خنك السكوم” . كذلك اسم” “اسكيكيمة” الذي نجده في” لحمادة”، ويتكرر في منطقة أخرى قرب واد الساقية.
هذا التكرار الجغرافي يعكس جانبا من التراث الشفهي لساكنة الصحراء ، حيث تنتقل الأسماء من جيل إلى آخر، وتحمل دلالات مرتبطة إما بطبيعة الأرض أو بالذاكرة الجماعية لقبائل الصحراء.
وأنتم متابعينا الأعزاء وأبناء هذا التراب الطيب، هل تعرفون مناطق أخرى تتكرر فيها التسمية رغم بعد المسافة واختلاف الموقع..!؟ لا شك أن هناك العشرات منها، تنتظر من يوثقها ويستعيد معانيها.
شاركوا معنا معلوماتكم وتجاربكم، فكل اسم في صحرائنا له قصة، وكل حكاية فيها توثيق لجزء من ذاكرتنا المشتركة.