
في قلب مدينة السمارة وتحديدا في الشوارع الحيوية مثل الشارع الرئيسي، شارع الجيش، وشارع الشواية، بات من المألوف أن تصادف أطفالا صغارا يجوبون الطرقات بحثا عن “الفتات” طلبا لمساعدة مالية أو ثمن وجبة أو حتى تسديد فاتورة حلاقة. الظاهرة التي بدأت محدودة وموسمية أصبحت اليوم مشهدا يوميا مثيرا للقلق، يعكس واقعا اجتماعيا يحتاج إلى وقفة تأمل ومساءلة حقيقية.
يكفي أن تجلس في إحدى المقاهي المنتشرة بهذه الشوارع، لتلاحظ تزايد أعداد الأطفال المتسولين، بعضهم يطلب لقمة فطور أو دراهم لمساعدته على إتمام ثمن وجبة، فيما يتخذ آخرون من عرض الحلوى أو البسكويت وسيلة لاستدرار عطف الزبائن، غالبا تحت إشراف آباء أو أمهات يجلسون على بعد خطوات، يراقبون المشهد ويستعطفون المارة بطريقة غير مباشرة.
هذه الظاهرة المؤرقة التي تقوض كرامة الأطفال، تثير تساؤلات عديدة حول دور السلطات المحلية والجهات التي لها دخل في معالجة هذه الإشكالية التي تمس الطفولة وحقوقها الأساسية. أين هي مقاربات الرعاية الاجتماعية.!؟ وأين هي برامج الإدماج ومحاربة الفقر والهشاشة..!؟ وهل يكفي التعاطف الآني مع هؤلاء الأطفال دون معالجة جذرية للأسباب الكامنة وراء هذه الممارسات؟
ظاهرة تسول الأطفال ليست فقط مشكلة اجتماعية فهي من منظورنا كمتابعين للشأن المحلي جرس إنذار لمجتمع بأكمله. فهؤلاء الصغار الذين يملأون الشوارع اليوم قد يكونون غدا ضحايا للانحراف، أو عرضة للاستغلال بأشكاله المختلفة.
إننا اليوم أمام مسؤولية جماعية، تتطلب تدخلا شاملا ومتكاملا ينطلق من الأسرة، مرورا بالمدرسة، وانتهاء بالسياسات العمومية التي تضمن للأطفال الحق في العيش الكريم، وتحميهم من براثن التسول والاستغلال.
فلتكن هذه الظاهرة دعوة للتفكير والعمل، حتى لا نكتفي بالتفرج على معاناة صغار يتقاذفهم الشارع فيما تظل الحلول الحقيقية غائبة أو مؤجلة.