حملت الرسالة التي بعث بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة عيد العرش لسنة 2025، إشارات قوية ومؤشرات لافتة، أعادت إلى الواجهة الموقف الأمريكي الثابت الداعم للسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية.
ترامب الذي كان قد وقع على قرار الاعتراف بمغربية الصحراء في دجنبر 2020، جدد من خلال هذه البرقية التزام بلاده بدعم المقترح المغربي للحكم الذاتي باعتباره الحل الواقعي والوحيد لتسوية هذا النزاع الإقليمي، مؤكداً حرصه على مواصلة التعاون مع المغرب لتعزيز الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
قراءة مضمون الرسالة تكشف عن أبعاد متعددة، لعل أبرزها التوقيت الذي تزامن مع احتفالات المملكة بالذكرى السادسة والعشرين لتربع جلالة الملك على العرش، ما يمنحها بعدًا سياسيا ورسالة دعم واضحة لخيارات المغرب الاستراتيجية.
مضمون البرقية تجاوز الطابع البروتوكولي المعتاد ليؤكد على عمق الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وواشنطن، وعلى ثبات الموقف الأمريكي في ظرفية دولية وإقليمية دقيقة، وهو ما يعكس نجاح الدينامية الدبلوماسية التي يقودها جلالة الملك منذ سنوات لإيجاد حل نهائي لهذا النزاع المفتعل.
التأكيد المتجدد على الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه يضع العلاقات الثنائية في مستوى متقدم من التنسيق السياسي والاستراتيجي، ويبرهن على إدراك الإدارة الأمريكية للدور المحوري الذي يضطلع به المغرب، باعتباره حليفا موثوقا وشريكا أساسيا في حفظ الأمن والاستقرار بالمنطقة.
كما أن هذه الرسالة بما تحمله من وضوح في الموقف الأمريكي، تزيل أي لبس بشأن مستقبل هذا الاعتراف، وتكرس الطرح المغربي كحل وحيد يحظى بالمصداقية والواقعية على الساحة الدولية، في وقت تتعالى فيه الأصوات داخل المنتظم الدولي الداعية إلى اعتماد مقاربات عملية لحل النزاعات الإقليمية.
الرسالة الرئاسية تعكس، في جوهرها، قناعة راسخة لدى واشنطن بأن تسوية هذا النزاع باتت قريبة، وفق حل سلمي يراعي مصالح الأطراف ويحافظ على الاستقرار الإقليمي، وهو ما يتقاطع مع ما ورد في الخطاب الملكي الأخير من دعوة إلى طي صفحة الخلافات وفتح آفاق جديدة للتعاون.
إن تجديد الموقف الأمريكي في هذه الظرفية يؤكد أن المغرب، بما يملكه من رؤية استباقية واستقرار سياسي، يظل حجر الزاوية في بناء فضاء إقليمي آمن ومزدهر، وشريكا استراتيجيا لواشنطن في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية العابرة للحدود.