تشهد بعض المجالس الترابية حالة ارتباك وجمود في التدبير، نتيجة خلافات حادة حول مهام التفويضات الممنوحة للنواب والمستشارين، ما دفع وزارة الداخلية إلى توجيه تنبيهات عبر القنوات الإدارية المختصة، استنادا إلى تقارير ميدانية رصدت الوضع.
المعطيات المتوفرة تفيد بأن عددا من النواب رفضوا الاستمرار في ممارسة المهام المفوضة لهم، احتجاجا على ما وصفوه بـ”التسيير الانفرادي للصلاحيات”، معتبرين أن بعض التفويضات أصبحت وسيلة للتنصل من المسؤولية أكثر مما هي آلية لتوزيع الأدوار داخل المجالس.
التقارير ذاتها أبرزت مطالب متزايدة بضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات الدورية المنظمة للتفويضات، والتي تميز بين تفويض الصلاحيات وتفويض الإمضاء، بما يترتب عن كل منهما من مسؤوليات قانونية مختلفة. كما شددت الدورية على وجوب تحديد القطاعات التي يمكن تفويضها على أسس موضوعية، تراعي حجم الموارد المالية والبشرية، وعدد السكان، وأهمية المرافق والخدمات المحلية.
اللافت أن التقارير الأخيرة أحصت تواتر ملتمسات الإعفاء من مهام التفويض والتوقيع، سواء بدافع التخوف من تبعات قانونية مرتبطة بعمليات التفتيش الجارية، أو بسبب حسابات سياسية وانتخابية مرتبطة بالتحالفات المقبلة مع اقتراب استحقاقات 2026.
وقد اتسع نطاق هذه الملتمسات حتى شمل نواباً ومستشارين يتقاسمون الانتماء السياسي نفسه مع رؤساء المجالس، ما خلق جدلا داخل المكاتب المسيرة، وأدى إلى توتر العلاقات الداخلية.
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه المجالس الترابية رقابة مشددة من طرف لجان التفتيش المركزية والمجالس الجهوية للحسابات، بعد موجة من العزل والمتابعات القضائية التي طالت منتخبين وموظفين جماعيين. وهو ما جعل عددا من النواب يفضلون طلب الإعفاء، تجنبا لتحمل تبعات قرارات إدارية أو مالية قد تكون محل مساءلة.
جدير بالذكر أن تفويض الصلاحيات يجعل النائب أو المستشار المفوض له مسؤولا بشكل مباشر عن كل ما يترتب عن مهامه من آثار قانونية، في حين تمنع الدورية الوزارية ذات الصلة على الرئيس ممارسة الصلاحيات التي سبق له تفويضها إلا بعد إلغاء قرار التفويض بشكل رسمي.